واختلطت الأحكام وظهر الخلاف بين المسلمين حتّى أنّ هناك العشرات من الأحكام قد اختلف فيها بين فترة أبو بكر وعمر ، كحكم الطلاق بالثلاث ، أو بالواحدة ، وحكم المؤلّفة قلوبهم ، وحكم الجلد ، وعشرات من الأحكام اختلفوا فيها ، مع أنّهم كانوا قريبي العهد من حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يكن بين الاثنين أيّ داع للخلاف إلا الأسباب التي ذكرتها.
ثمّ جاء عصر معاوية بن أبي سفيان :
الذي اتّخذ من سياسة الخلفاء الثلاثة أرضيّة واسعة للانطلاق نحو مخطّط خطير ; لتغيير كامل شامل في السنّة النبويّة ، وإحلال ما يريده معاوية ومن معه بدلاً منها ، وقد كنت قد ذكرت لك عزيزي القارئ في غير موضع من هذا الكتاب كيف حذّر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من فترة حكم الأمويين وبني الحكم ، وكيف رآهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في منامه ينزون نزو القردة على منبره الشريف ، وذكرت لك كيف لعنهم ، وحذّر منهم ومن متابعتهم.
قال السيوطي في الدرّ المنثور : وأخرج البخاري في تاريخه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن عمر بن الخطّاب رضياللهعنه ، في قوله : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا ) (١) ، قال : هما الأفجران من قريش : بنو المغيرة وبنو أميّة. فأمّا بنو المغيرة ، فكفيتموهم يوم بدر. وأمّا بنو أميّة ، فمتّعوا إلى حين (٢).
وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عبّاس رض الله عنهما ، أنّه قال لعمر رضياللهعنه : يا أمير المؤمنين ، هذه الآية : ( الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا ) ، قال : هم الأفجران من قريش : أخوالي وأعمامك. فأمّا أخوالي ، فاستأصلهم الله يوم بدر. وأمّا
__________________
(١) إبراهيم : ٢٨.
(٢) الدرّ المنثور ٤ : ٨٤.