قال : سمعت حميد بن نافع يقول : سمعت زينب بنت أبي سلمة تقول : سمعت أمّ سلمة زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تقول لعائشة : والله! ما تطيب نفسي أنْ يرأنّي الغلام قد استغنى عن الرضاعة ، فقالت : لمّ؟ قد جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت : يا رسول الله! والله! إنّي لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم ، قالت : فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « أرضعيه » فقالت : إنّه ذو لحية ، فقال : « ارضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة » فقالت : والله! ما عرفته في وجه أبي حذيفة (١).
وروى مالك في الموّطأ ، أخبرنا مالك ، أخبرنا ابن شهاب ، أنّه سئل عن رضاعة الكبير. فقال : أخبرني عروة بن الزبير أنّ أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وكان قد شهد بدراً ، وكان تبنى سالماً الذي يقال له « سالم » مولى أبي حذيفة ، كما تبنى رسول الله زيد بن حارثة ، فأنكح أبو حذيفة سالماً وهو يرى أنّه ابنه ، أنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة ، وهي يومئذ من المهاجرات الأول ، وهي من أفضل أيامي قريش ، فلمّا أنزل الله تعالى في كتابه في زيد ما أنزل : ( ادْعُوهُمْ لآِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ) (٢) ردّ كلّ أحد من أولئك إلى أبيه ، فإنّ لم يعلم أبوه رد إلى مولاه فجاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة ، وهي من بني عامر بن لؤي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقالت : يا رسول الله كنّا نرى سالماً ولداً ، وكان يدخل عليّ وأنا فضل ، وليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم « أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها » ، وكانت تراه ابناً من الرضاعة فأخذت بذلك عائشة أمّ المؤمنين فيمن كانت تحبُ أنْ يدخل عليها من الرجال ، فكانت تأمر أختها أمّ كلثوم بنت أبي بكر الصدّيق ، وبنات أخيها أنْ يرضعن من
__________________
(١) صحيح مسلم ٤ : ١٦٩.
(٢) الأحزاب : ٥.