رأىٰ فاطمة عليهاالسلام قد خرجت إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشملة لها خلقة ، قد خيطت في عدّة مواضع ، فلما دخلت علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت : « يا رسول الله ، إنّ سلمان تعجب من لباسي ، فو الذي بعثك بالحق مالي ولعليّ منذ خمس سنين إلّا مسك كبش نعلف عليه بالنهار بعيرنا ، فإذا كان الليل افترشناه ، وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف ». فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا سلمان ، إنّ ابنتي لفي الخيل السوابق » (١).
وصبرت الزهراء عليهاالسلام علىٰ الجوع الذي نال منها حتىٰ غارت عيناها وغلبت الصفرة علىٰ وجهها ، ولصق بطنها بظهرها ، فحظيت بعناية الله سبحانه حيث كثّر الطعام في بيتها ، وأنزل عليها رزقاً من السماء كما قدّمنا ، وحظيت بعناية أبيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث دعا لها بإذهاب الجوع عنها.
عن عمران بن حصين ، قال : كنت مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جالساً إذ أقبلت فاطمة عليهاالسلام فوقفت بين يديه ، فنظر إليها وقد غلبت الصفرة علىٰ وجهها ، وذهب الدم من شدة الجوع ، فقال : « ادني يا فاطمة » فدنت ، ثم قال : « ادني يا فاطمة » فدنت حتىٰ وقفت بين يديه ، فوضع يده علىٰ صدرها في موضع القلادة ، وفرّج بين أصابعه ، ثم قال : « اللهمّ مشبع الجاعة ورافع الوضعة ، لاتجع فاطمة بنت محمد » فغلب الدم علىٰ وجهها ، وذهبت تلك الصفرة (٢).
وجاء في ( تذكرة الخواص ) لسبط ابن الجوزي أنّه حينما تصدّقت عليهاالسلام علىٰ المسكين واليتيم والأسير ، دخل عليها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي قائمة في محرابها ، ولقد لصق بطنها بظهرها ، وغارت عيناها من شدة الجوع. فقال
_______________________
١) الدروع الواقية / ابن طاووس : ٢٧٥. وبحار الأنوار ٤٣ : ٨٨ / ٩.
٢) نظم درر السمطين / الزرندي : ١٩١ مطبعة القضاء ـ النجف. وأخرج الشيخ الكليني عن جابر بن عبدالله الأنصاري نحوه في الكافي ٥ : ٥٢٨ ـ ٥٢٩ / ٥.