قال الحرّ العاملي رحمهالله في منظومته :
طلّقت الدنيا كفعل بعلها |
|
واشتغلت عنها بحسن فعلها |
لا تعرف اللذات والتنعّما |
|
والحلي واللبس عُلاً وكرما (١) |
ولقوة صبر الزهراء عليهاالسلام المستمدّ من قوة إيمانها وتعلّقها العجيب بالله عزّ وجلّ ، لم يشكّل بيتها الطاهر بأثاثه البسيط جداً جزءاً من المعاناة النفسية التي تترك آثارها السيئة في نفوس النساء عادة ، بل كانت تفيض حبّاً وحناناً وبشاشةً تغمر فيها عليّاً والسبطين عليهمالسلام بما يجعل من فراشهم وهو جلد كبش أرقّ من الحرير ، وأما المعاناة الجسدية فهي معاناة طبيعية كانت تبثها الزهراء عليهاالسلام إلىٰ أبيها العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم فيحيلها إلىٰ الصبر زاداً ووقاءً.
عن أنس ، قال : جاءت فاطمة عليهاالسلام إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : « يا رسول الله ، إنّي وابن عمي مالنا فراش إلّا جلد كبش ننام عليه ، ونعلف عليه ناضحنا بالنهار ». فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا بنية اصبري ، فإنّ موسىٰ بن عمران أقام مع امرأته عشر سنين مالها فراش إلّا عباءة قطوانية » (٢).
وعن علي عليهالسلام ـ في حديث ـ قال : « وعلينا قطيفة إذا لبسناها طولاً خرجت منها جنوبنا ، وإذا لبسناها عرضاً خرجت رؤوسنا وأقدامنا » (٣).
وفي حديث آخر عنه عليهالسلام : « أنّهما كانا يتغطيان في قطيفة ، إذا غطيا رؤوسهما انكشفت أقدامهما ، وإذا غطيا أقدامهما انكشفت رؤوسهما » (٤).
وجاء في كتاب ( زهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ) لابن بابويه أنّ سلمان رضياللهعنه بكىٰ حينما
_______________________
١) تراجم أعلام النساء / الأعلمي ٢ : ٣١٣ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.
٢) إحقاق الحقّ ١٠ : ٤٠٠ عن السيرة النبوية / دحلان ٢ : ١٠ ـ القاهرة.
٣) مسند فاطمة عليهاالسلام / السيوطي : ١٠٢.
٤) مسند فاطمة عليهاالسلام / السيوطي : ١٠٨.