وكان أمير المؤمنين عليهالسلام قد اعتزل الناس بعد أن فرغ من جهاز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعكف علىٰ جمع القرآن الكريم بعهدٍ من الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وروي أنّه عليهالسلام قال : « لا أرتدي حتىٰ أجمعه » ، وقالوا : إنّه لم يرتدِ إلّا للصلاة حتىٰ جمعه (١).
وفي تلك الاثناء بلغ أبو بكر أن جماعة منهم العباس قد اجتمعوا مع علي ابن أبي طالب عليهالسلام في منزل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فبعث إليهم عمر بن الخطاب ، وخالد بن الوليد في رجالٍ من الأنصار ونفرٍ من المهاجرين أرسلهم أبو بكر رِدءاً لهما ، كزياد بن لبيد الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأُسيد بن حُضير ، ومسلمة بن سلامة بن وقش ، ومحمد بن مسلمة ، وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي ، وسلمة بن أسلم (٢) ، والمغيرة بن شعبة ، وسالم مولىٰ أبي حذيفة (٣).
فجاء عمر بن الخطاب فناداهم وهم في دار علي عليهالسلام : لتخرجنّ إلىٰ البيعة أو لاُحرقنّها علىٰ من فيها ! فقيل له : يا أبا حفص ؟ إنّ فيها فاطمة ! فقال : وإن (٤) !!.
فلمّا سمعت فاطمة عليهاالسلام أصواتهم نادت بأعلىٰ صوتها : « يا أبتِ يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ؟! » فلمّا سمع القوم
_______________________
١) اُنظر : الاتقان / السيوطي ١ : ٢٠٤. والطبقات الكبرىٰ / ابن سعد ٢ : ٣٣٨. ومناهل العرفان ١ : ٢٤٧. وكنز العمال ٢ : ٥٨٨ / ٤٧٩٢. وشرح ابن أبي الحديد ١ : ٢٧ و ٢ : ٥٦.
٢) راجع : مستدرك الحاكم ٣ : ٦٦. وسنن البيهقي ٨ : ١٥٢. وشرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٠ و ٥١ و ٥٦ و ٥٧ ، و ٦ : ١١ و ٤٧ و ٤٨.
٣) الجمل / الشيخ المفيد : ١١٧.
٤) الإمامة والسياسة / ابن قتيبة ١ : ١٢.