صوتها وبكائها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم (١) ، فاقتحموا الدار ، فصاحت فاطمة عليهاالسلام وناشدتهم الله (٢) ، وجعلت تبكي وتصيح (٣).
وخرج إليهم الزبير مصلتاً سيفه ، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر ، فندر السيف من يده ، فضرب به عمر الحجر فكسره (٤) ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقاً عنيفاً (٥).
وروي أنّهم قالوا : ليس عندنا معصية ولا خلاف.. وإنما اجتمعنا لنؤلف القرآن في مصحف واحد ، ثم بايعوا أبا بكر (٦).
واجتمع الناس ينظرون ، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة عليهاالسلام ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثيرة من الهاشميات وغيرهنّ ، فخرجت إلىٰ بابها ، وقالت : « يا أبا بكر ، ما أسرع ما أغرتم علىٰ أهل بيت رسول الله ! والله لا أُكلّم عمر حتىٰ ألقىٰ الله » (٧).
_______________________
١) الإمامة والسياسة / ابن قتيبة ١ : ١٣. وأعلام النساء / كحالة ٤ : ١١٤ ـ ١١٥.
٢) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٠ ، و ٦ : ٤٧.
٣) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٦.
٤) وفي رواية الطبري ٣ : ٢٠٢ أنّ الزبير عثر فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه. وروي أنّ الذي أخذ سيف الزبير وكسره هو محمد بن مسلمة. راجع مستدرك الحاكم ٣ : ٦٦. وسنن البيهقي ٨ : ١٥٢. وكنز العمال ٥ : ٥٩٧. وشرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥١ ، و ٦ : ٤٨. وفي ج٦ ص١١ منه أنّه سلمة بن أسلم.
٥) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٦ ، و ٦ : ٤٨.
٦) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٦.
٧) السقيفة وفدك / الجوهري : ٧٣. وشرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٧ ، و ٦ : ٤٩.