في التاريخ ، والذريعة لكلِّ من ظلم أهل البيت عليهمالسلام من طواغيت الاُمّة وجبابرتها ، ويتضح ذلك جلياً في كتاب معاوية إلىٰ محمد بن أبي بكر قبل حرب صفين حيث جاء فيه : فقد كنّا وأبوك نعرف فضل ابن أبي طالب وحقّه لازماً لنا مبروراً علينا (١) فلما اختار الله لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما عنده ، وأتمّ وعده ، وأظهر دعوته ، وأفلج حجّته ، وقبضه الله إليه ، كان أبوك والفاروق أول من ابتزّه حقّه ، وخالفه علىٰ أمره ، علىٰ ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثم إنّهما دعواه إلىٰ بيعتهما ، فأبطأ عنهما وتلكّأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأرادا به العظيم... فان يكن ما نحن فيه صواباً ، فأبوك أوله ، وإن يكن جوراً ، فأبوك أُسّه ، ونحن شركاؤه ، فبهديه أخذنا ، وبفعله اقتدينا ، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له ، ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك ، فاحتذينا بمثاله ، وأقتدينا بفعاله (٢).
فالبيعة إذن كانت اتفاقاً سرياً ، فعلىٰ الرغم من أنهم كانوا يعرفون فضل أمير المؤمنين عليهالسلام وحقه لازماً عليهم ، لكنهم اتفقوا واتسقوا علىٰ أن يبتزّوه حقه ويخالفوه علىٰ أمره.
روىٰ الجوهري عن ابن عباس أن عمر قال له ليلة الجابية : إنّ أول من ريّثكم عن هذا الأمر أبو بكر ، إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوة. قال : قلت : لمَ ذاك يا أمير المؤمنين ؟ ألم نُنِلهُم خيراً ؟! قال : بلىٰ ،
_______________________
١) وكان عمر بن الخطاب يعلم أيضاً يقيناً بمقام علي عليهالسلام ، فقد روىٰ الجوهري عن ابن عباس ، قال : إنّ عمر يشهد أن عليّاً عليهالسلام أولىٰ الناس بالأمر بعد رسول الله. شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٧ و٦ : ٥٠.
٢) وقعة صفين / نصر بن مزاحم : ١٢٠. وشرح ابن أبي الحديد ٣ : ١٩٠. ومروج الذهب ٣ : ١٢.