سامحت وأغضت ، وليس يعني هاهنا بالسخاء إلّا هذا ، لا السخاء الحقيقي ، لأنّه عليهالسلام وأهله لم يسمحوا بفدك إلّا غصباً وقسراً ، ثم قال عليهالسلام : « ونعم الحكم الله » الحكم : الحاكم ، وهذا الكلام كلام شاكٍ متظلّم (١).
ويدلّ علىٰ ذلك أيضاً كلامه عليهالسلام وهو ينفض غبار قبرها عليهاالسلام كالمناجي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وستنبئك ابنتك بتضافر أُمّتك علىٰ هضمها ، فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، هذا ولم يطل العهد ، ولم يخلُ منك الذكر » (٢).
ولو كان أبو بكر قد استولىٰ علىٰ فدك عن حسن نية أو علىٰ اشتباه عرض له ، لكانت فاطمة عليهاالسلام قد أقنعته بالحجة والدليل ، ولما غضبت عليه وقاطعته حتىٰ لقيت ربها ، وأوصت أن لا يحضر جنازتها ولا يصلي عليها ، وفي هذا دليل واضح علىٰ اعتقاد بضعة المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم واعتقاد عليّ المرتضىٰ عليهالسلام بأنّهم لم يشتبهوا بفدك قطّ ، وإنّما سوّلت لهم أنفسهم أمراً ، والله المستعان علىٰ ما يصفون.
أخيراً إنّ فاطمة عليهاالسلام لو أتت بقسامة من الشهود لردّ دعواها وعارضها بعشرات الشهود ، كما عارض شهادة علي عليهالسلام وأُمّ أيمن بشهادة عمر وعبدالرحمن بن عوف ، وعارض دعواها بالارث بحديث ( لا نورث ) وأشهد عليه عمر بن الخطاب وأوس بن الحدثان وعائشة وحفصة (٣) ، ذلك لأنّ السلطة كانت مصرّة علىٰ انتزاع كامل حقوق عترة المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم
_______________________
١) شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٠٨.
٢) نهج البلاغة / صبحي الصالح ـ الخطبة (٢٠٢). والكافي / الكليني ١ : ٤٥٩. وشرح ابن أبي الحديد ١٠ : ٢٦٥.
٣) قرب الاسناد / الحميري : ٩٩٠ / ٣٣٥. وتفسير القمي ٢ : ١٥٦. والاختصاص / المفيد : ١٨٣. وبحار الأنوار ٢٩ : ١٥٦ / ٣١.