صدقة ، إنّما يأكل آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا المال ». وإنّي والله لا أُغيِّرُ شيئاً من صدقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، عن حالها التي كانت عليها ، في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأعملنَّ فيها بما عمل به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فأبىٰ أبو بكر أن يدفع إلىٰ فاطمة شيئاً. فوجدت فاطمة علىٰ أبي بكر في ذلك.
قال : فهجرته فلم تكلمه حتىٰ توفيت ، وعاشت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ستة أشهر ، فلمّا توفيت دفنها زوجها عليُّ بن أبي طالب ليلاً ، ولم يؤذن بها أبابكر ، وصلَّىٰ عليها علي (١).
فسمّىٰ تركة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صدقةً ، وإذا كانت فدك وخيبر وفيء المدينة صدقة منذ زمان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فليس ثمة محلّ لروايته أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يورث ، إذ لا ميراث حتىٰ يحتاج إلىٰ رواية مثل هذا الخبر.
أما قوله : ( لأعملنّ فيها بما عمل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ) فيريد به أنه سيجعلها لشؤونه الشخصيّة وحوائجه الخاصة ، يدلّ علىٰ ذلك حديث عائشة المروي في الصحاح ، قالت : أمّا صدقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة ، فدفعها عمر إلىٰ علي والعباس ، وأمّا خيبر وفدك ، فأمسكهما عمر وقال : هما صدقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه ، وأمرهما إلىٰ من ولي الأمر بعده ، فهما علىٰ ذلك إلىٰ اليوم » (٢).
_______________________
١) صحيح البخاري ٥ : ٢٨٨ / ٢٥٦ ـ كتاب المغازي ، باب غزوة خيبر. وصحيح مسلم ٣ : ١٣٨٠ / ١٧٥٩ ـ كتاب الجهاد والسير ، باب قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا نورث ». وسنن أبي داود ٣ : ١٤٢ / ٢٩٦٨ ـ باب صفايا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٢) صحيح البخاري ٦ : ١٧٨ / ٢ ـ كتاب الخمس. وصحيح مسلم ٣ : ١٣٨٢ / ٥٤ ـ كتاب الجهاد والسير. وسنن أبي داود ٣ : ١٤٣ / ٢٩٧٠ ـ باب في صفايا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأموال. وسنن البيهقي ٦ : ٣٠١. ومسند أحمد ١ : ٦.