قالت عائشة : إنّ الناس اختلفوا في ميراث رسول الله ، فما وجدوا عند أحدٍ من ذلك علماً ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة (١).
قال ابن أبي الحديد : إنّ أكثر الروايات أنّه لم يروِ هذا الخبر إلّا أبو بكر وحده ، ذكر ذلك معظم المحدثين ، حتىٰ إنّ الفقهاء في اصول الفقه أطبقوا علىٰ ذلك في احتجاجهم في الخبر برواية الصحابي الواحد. وقال شيخنا أبو علي : لا تقبل في الرواية إلّا رواية اثنين كالشهادة (٢).
وقال السيد المرتضى رضياللهعنه : إنّ الخبر علىٰ كلِّ حال لا يخرج من أن يكون غير موجب للعلم ، وهو في حكم أخبار الآحاد ، وليس يجوز أن يرجع عن ظاهر القرآن بما يجري هذا المجرىٰ ، لأنّ المعلوم لا يُخَصّ إلّا بمعلوم ، وإذا كانت دلالة الظاهر معلومة لم يجز أن يرجع عنها بأمر مظنون (٣).
وقال الشيخ الطوسي رحمهالله : إنّ هذا الخبر خبر واحد ، لم يروه إلّا أبو بكر ، وخبر الواحد لا يجوز قبوله عندنا في موضع من المواضع ، ولو قبلناه لما قبلناه في تخصيص القرآن وترك عمومه (٤).
ولا ندري كيف تُقبل رواية الخصم متفرداً بحديث يناقض كتاب الله ويعارض النقل ، ولا تقبل شهادة فاطمة عليهاالسلام التي توافق الكتاب الكريم ولا تعارض النقل ، وهي الصديقة المطهّرة من الرجس ؟! إلّا أن يكون الخصم هو الحاكم ، وللحاكم أن يحكم بما يشاء ، والحقّ معه علىٰ أيّ حال.
الثالث : والذي يدلّ علىٰ ما تقدّم في الوجه الثاني أيضاً ، وهو يفضي إلىٰ
_______________________
١) الصواعق المحرقة : ٣٤ ، كنز العمال ٧ : ٢٢٦ و٢٣٥ و٢٣٦ و٢٣٧ ، ١١ : ٤٧٥ و٤٧٩ ، ١٢ : ٤٨٨ ، منتخب كنز العمال ٤ : ٣٦٤.
٢) شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٢٧.
٣) الشافي / المرتضىٰ ٤ : ٦٦.
٤) تلخيص الشافي ٣ : ١٣٧ ـ ١٣٨.