وسيأتي في خطبة الزهراء عليهاالسلام أنّها احتجت علىٰ أبي بكر بهذه الآيات التي لا تردّ ولا تكابر ، وكذلك احتجّ بها أمير المؤمنين عليهالسلام لكن أبا بكر أبىٰ إلّا اللجاج والعناد والمكابرة وعدم الانصات لصوت الحقّ والعدل.
أخرج السيوطي عن ابن سعد ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « جاءت فاطمة عليهاالسلام إلىٰ أبي بكر تطلب ميراثها وجاء العباس بن عبدالمطلب يطلب ميراثه ، وجاء معهما علي عليهالسلام ، فقال أبو بكر : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا نورث ما تركنا صدقة » وما كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يعول فعليّ. فقال علي عليهالسلام : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ )(١) وقال زكريا : ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٢) فقال أبو بكر : هو هكذا ، وأنت والله تعلم مثل ما أعلم. فقال علي عليهالسلام : « هذا كتاب الله ينطق ! » فسكتوا وانصرفوا » (٣).
الثاني : أنّه علىٰ تقدير صحته وعدم اختلاقه ، فهو من أخبار الآحاد ، فلا يجوز الأخذ بعموم ظاهره لمخالفته للكتاب الكريم ، وحاشا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقول بما يخالف كلام الله عزَّ وجلّ.
هذا زيادة علىٰ رفض باب مدينة علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيدة نساء العالمين عليهاالسلام لما زعمه أبو بكر ، ولو كان صادقاً بزعمه ، لكانا عليهماالسلام أولىٰ الخلق بحقيقة ذلك الحديث ، مما يكشف عن اختلاقه ووضعه.
ولكن أنصاره حاولوا الكذب علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فنسبوه إلىٰ آخرين أيضاً ، مع أنّ الثابت هو اختصاص أبي بكر به وتفرّده بنقله.
_______________________
١) سورة النمل : ٢٧ / ١٦.
٢) سورة مريم : ١٩ / ٦.
٣) مسند فاطمة عليهاالسلام / السيوطي : ١٧.