الملاحظ أنّ حديث عدم توريث الأنبياء الذي زعمه أبو بكر لا حجيّة له وأنّه مردود من عدة وجوه :
الأول : الحديث مخالف لصريح القرآن الكريم ، الذي نصّ علىٰ توريث الأنبياء عليهمالسلام لعموم قوله تعالىٰ : ( لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ) (١) وغيرها من آيات المواريث المطلقة (٢) التي تشمل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فمن دونه من سائر البشر.
ونصّ القرآن الكريم علىٰ خصوص توريث الأنبياء بقوله تعالىٰ حكاية عن زكريا عليهالسلام : ( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (٣) ولا ريب أنّ الميراث في الاستخدام اللغوي يطلق علىٰ ما يصحّ أن ينتقل من الموروث إلىٰ الوارث علىٰ الحقيقة كالأموال وما يجري مجراها ، ولا يستعمل في غيرها إلّا مجازاً وتوسعاً ، وليس لنا أن نعدل عن ظاهر الكلام بغير قرينة قطعية ودلالة واضحة.
ومنه قوله تعالىٰ : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) (٤) وهي ظاهرة في الدلالة علىٰ المراد ، إذ إنّ اطلاق لفظ الميراث يقتضي أن يراد منه الأموال ومافي معناها.
_______________________
١) سورة النساء : ٤ / ٧.
٢) راجع : سورة النساء : ٤ / ١١. وسورة الأنفال : ٧ / ٧٥.
٣) سورة مريم : ١٩ / ٥ ـ ٦.
٤) سورة النمل : ٢٧ / ١٦.