ذلك (١) فإذا كانا يعلمانه ، فكيف جاء العباس وفاطمة عليهاالسلام إلىٰ أبي بكر يطلبان الميراث (٢) ؟ وكيف جاء علي عليهالسلام والعباس إلىٰ عمر بن الخطاب يطلبان الميراث ؟
فهل يصح أن يقال : إنّهما كانا يعلمان الحديث ، ثمّ جاءا يطلبان الارث الذي لا يستحقانه ؟ أو أن عليّاً عليهالسلام كان يعلم ذلك ثمّ يمكّن فاطمة عليهاالسلام أن تخالف قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وتطلب مالا تستحقه ، وأن تخرج من دارها وتنازع أبا بكر ، وتكلمه بما كلمته دفاعاً عن حقها ؟ مع ما لعلي عليهالسلام من الزهد والعصمة والطهارة والذوبان في ذات الله والحبّ الشديد لاجراء أحكامه وسُنّة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنّ أهل البيت عليهمالسلام أورع وأبرّ وأتقىٰ من أن يطلبوا دنيا فانية أو عرضاً زائلاً ، خصوصاً وأن أمير المؤمنين قد ضرب أروع أمثلة الزهد في هذه الدنيا التي طلّقها ثلاثاً لا رجعة له فيها.
فهل يتصور عاقل بأنّه عليهالسلام جاء ينازع المسلمين حقّهم وهو الذي عرف عنه تصلّبه في الحق إلىٰ الدرجات القصوىٰ حتىٰ أن الحق لم يترك له صديقاً !!
وفي حديث مسلم عن مالك بن أوس بن الحدثان : أنّ عمر قال للعباس وعلي عليهالسلام حينما جاءا يطلبان ميراثهما من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فرأيتماه ـ أي أبابكر ـ كاذباً آثماً غادراً خائناً ، ثمّ قال لمّا ذكر نفسه : فرأيتماني كاذباً آثماً
_______________________
١) صحيح البخاري ٧ : ٢٦٧ / ٥ ، كتاب الفرائض ـ باب قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا نورث ». وسنن البيهقي ٦ : ٢٩٩. وشرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٢٢.
٢) صحيح البخاري ٧ : ٢٦٦ / ٣ كتاب الفرائض ـ باب قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا نورث ». وسنن البيهقي ٦ : ٣٠٠. ومسند أحمد ١ : ١٠. وتاريخ الطبري ٣ : ٢٠٨. وشرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٤٦ و ١٦ : ٢١٨. ومسند فاطمة عليهاالسلام / السيوطي : ١٧.