غادراً خائناً (١). ورواه ابن أبي الحديد عن الجوهري بألفاظ أخرىٰ (٢).
فكيف يران هذا الرأي ، ويحكمان هذا الحكم علىٰ أبي بكر وعمر في عملهما بأمر فدك وسائر إرث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهما يعلمان أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لا نورث » ؟! وعليه فلا تستقيم مطالبة الزهراء عليهاالسلام وأمير المؤمنين عليهالسلام بإرث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا لعلمهما بكذب الخبر المانع للإرث.
الرابع : لو صحّ صدور الحديث لوجب علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبين لورثته أن تركته صدقة لكلِّ المسلمين ، وليس لهم حقّ المطالبة بالإرث بعده ، لئلا يتعرضوا لمواضع التهمة في المطالبة بما لا يستحقونه ، وليقطع دابر الفرقة والاختلاف.
وكيف يمكن أن نتصور أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يشرّع حكماً يخالف نصوص القرآن الكريم ويخفيه عن جميع المسلمين حتىٰ عن ألصق الناس به من ورثته الذين يتعلق بهم الحكم ، ولا يبلغه إلّا لأبي بكر وهو غير وارث ؟ بل كيف يمكن أن نتصور أنّ أمير المؤمنين علياً عليهالسلام وباب مدينة علم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يجهل هذا الحكم ، وهو أقضىٰ الاُمّة وأعلمها بالكتاب والسُنّة ؟!
فهل يمكن أن يقال : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يعلم أن ورثته سيقسمون تركته من بعده وفقاً لأحكام الشريعة ؟ أو إنّه كان يعلم ذلك ولكن قصّر في تبليغ الأحكام والعياذ بالله ؟! وتلك علامات استفهام جوابها أنّ الحديث موضوع
_______________________
١) صحيح مسلم ٣ : ١٣٧٩ / ٤٩ ، ورواه البخاري في الصحيح ٧ : ٢٦٧ / ٥ وأبو داود في السنن ٣ : ١٣٩ ، والبيهقي في السنن ٦ : ٢٩٩ بدون ذكر الألفاظ.
٢) شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٢٢ و ٢٢٧ و ٢٢٩.