وتالله لو تكافّوا عن زمامٍ نبذه إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لاعتقله (١) ثمّ لسار بهم سيراً سُجحاً (٢) ، لا يُكلم خشاشه ، ولا يكلّ سائره ، ولا يملّ راكبه ، ولأوردهم منهلاً نميراً صافياً رويّاً فضفاضاً ، تطفح ضفتاه ، ولا يترنّق (٣) جانباه ، ولأصدرهم بطاناً ، ونصح لهم سراً وإعلاناً ، ولم يكن يتحلّىٰ من الغنىٰ بطائل (٤) ، ولا يحظىٰ من الدنيا بنائل ، غير ريّ الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم الزاهد من الراغب ، والصادق من الكاذب ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ( وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ )(٥).
ألا هلم فاستمع ، وما عشت أراك الدهر عجباً ، وإن تعجب فعجب قولهم. ليت شعري إلىٰ أيّ لَجأ لجأوا ، وإلى أيّ سناد استندوا ، وعلىٰ أي عماد اعتمدوا ، وبأيّ عروة تمسكوا ، وعلىٰ أيّ ذريّة قدّموا واحتنكوا (٦) ! ( لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) (٧) وبئس للظالمين بدلاً.
استبدلوا والله الذنابىٰ بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغماً لمعاطس قومٍ
_______________________
١) أمسكة.
٢) سهلاً ليناً.
٣) لا يتكدر.
٤) لم يستفد منه كثير فائدة.
٥) سورة الزمر : ٣٩ / ٥١.
٦) استولوا.
٧) سورة الحج : ٢٢ / ١٣.