( يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) (١) ، ( أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ ) (٢) ويحهم ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٣) ؟!
أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملء القَعب دماً عبيطاً ، وذعافاً مبيداً ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غبّ ما أسس الأولون ، ثم طيبوا عن دنياكم نفساً ، واطمئنّوا للفتنة جأشاً (٤) ، وابشروا بسيف صارم ، وسطوة معتدٍ غاشم ، وبهرج دائمٍ شاملٍ ، واستبدادٍ من الظالمين ، يدع فيأكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً. فيا حسرتىٰ لكم ، وأنّىٰ بكم وقد عميت عليكم ؟! ( أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) (٥) ».
قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها علىٰ رجالهنّ ، فجاء إليها قوم من المهاجرين والأنصار معتذرين ، وقالوا : يا سيدة النساء ، لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن يُبرَم العهد ويُحكَم العقد ، لما عدلنا إلىٰ غيره.
فقالت عليهاالسلام : « إليكم عنّي ، فلا عذر بعد تعذيركم ، ولا أمر بعد تقصيركم » (٦).
_______________________
١) سورة الكهف : ١٨ / ١٠٤.
٢) سورة البقرة : ٢ / ١٢.
٣) سورة يونس : ١٠ / ٣٥.
٤) مروّعة للقلب والنفس.
٥) سورة هود : ١١ / ٢٨.
٦) روىٰ هذه الخطبة ابن أبي طيفور في بلاغات النساء : ١٩. والشيخ الصدوق في معاني الأخبار : ٣٥٤ / ١. والشيخ الطوسي في أماليه : ٣٧٤ / ٨٠٤. والطبري في الدلائل : ١٢٥ / ٣٧. والاربلي في كشف الغمة ١ : ٤٩٢. والطبرسي في الاحتجاج ١ : ١٠٨. وابن أبي الحديد في شرح النهج ١٦ : ٢٣٣. والعلّامة المجلسي في البحار ٤٣ : ١٥٨ ـ ١٥٩.