حقوق المرأة وواجباتها ومدىٰ فاعليتها في الاسهام ببناء المجتمع وتطويره.
أما مواقف الحوراء عليهاالسلام بعد وفاة أبيها المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعلىٰ الرغم مما تثيره فينا وفي وجدان كلّ مسلم حرّ من أشجان ولوعة ، لما فيها من أحداث تزلزل الجبال وتهدّ الصمّ الصلاب ، فإننا نلمس من خلالها الشجاعة والثبات ورباطة الجأش وقوة النفس التي تحلّت بها ابنة النبوة الزهراء الطاهرة عليهاالسلام في الدفاع عن مبادىء الإسلام ومثله وإثبات العقيدة الحقّة ، حينما لاثت خمارها علىٰ رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فدخلت علىٰ أُمّةٍ انقلبت علىٰ أعقابها ، ورسولها لمّا يجف تراب رمسه ، فاغتصبت بالأمس مجداً سجّلته السماء لأهل بيت النبوة ، واهتضمت اليوم نحلتها في فدك ، ولم ترعَ وصية أبيها صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها : « فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما يؤذيها » وكأنها ما سمعته صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : « إنّ الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضىٰ لرضاها » !
فاتخذت الزهراء عليهاالسلام من الكلمة سيفاً ومن
الحجة سناناً ، لتلقي الحجة وتنبه علىٰ الفتنة وتعرّي أساس السلطة ، وتقوّض أركانها بخطابها الذي كان آيةً في البلاغة وغايةً في الفصاحة ، لتقول : « أيُّها الناس ، اعلموا
أني فاطمة ، وأبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم
فلمّا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوىٰ أصفيائه ، ظهر فيكم حسيكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلين... فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، والرسول لمّا يقبر ، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة (
أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ) ... ألا وقد قلت ما قلت علىٰ معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتها