قلوبكم ، ولكنها فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وخور القنا ، وبثّة الصدر ، وتقدمة الحجة.. ».
وفي موقف الزهراء عليهاالسلام من أحداث السقيفة ومما جرىٰ عليها من الظلم والعدوان ، نستلهم دروساً من العظمة والإباء في التصدي للانحراف والطغيان والدفاع عن مبادىء الحقّ وإقامة السُنّة وإماتة البدعة.
وهكذا عندما نقف علىٰ الجوانب الاُخر من حياة الزهراء عليهاالسلام فإنّما نقف علىٰ أوسع مدىٰ لمثل الإسلام وكل صفات الفضيلة والكمال وقيم الشرف والجلال وسبل الهداية والصلاح والرشاد.
يقول الاستاذ العقاد : في كلِّ دين صورة للانوثة الكاملة المقدسة ، يتخشع بتقديسها المؤمنون ، كأنما هي آية الله فيما خلق من ذكرٍ وأنثىٰ ، فإذا تقدست في المسيحية صورة مريم العذراء ، ففي الإسلام لا جَرَم تتقدّس صورة فاطمة البتول (١).
ولا ريب أنّ الزهراء عليهاالسلام صورة للانوثة الكاملة لبنات حواء ، لأنّها سيدة نساء العالمين بنصّ أبيها الرسول المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما أحوجنا ونحن نعيش في عالمٍ يغرق بالمادة وتتساقط فيه المثل والقيم العليا أن تتعرف نساؤنا المسلمات علىٰ القدوة المثلىٰ والاُسوة الحسنة للنساء في الإسلام ، وأن يقتدين بسيرتها ، ويستلهمن منها دروس الحياة لتربية الأجيال وتوجيهها لما فيه الصلاح والهداية ، مما سينير مستقبل البشرية ، ويسهم في بناء انسانٍ تحيا فيه المثل الاخلاقية والعقيدة الحقّة.
وقد التفت المحدثون والمؤرخون والباحثون ومنذ القدم الىٰ أسرار العظمة في حياة الزهراء عليهاالسلام فأفردوا لها مصنفات خاصّة كابن شاهين والبغوي والحاكم النيسابوري والطبري والمناوي والسيوطي وابن دينار
_______________________
١) أهل البيت عليهمالسلام / توفيق أبو علم : ١٢٨ مطبعة السعادة ـ مصر.