تنفيذ ما وعدهم به، وكان الذي صرفه عن ذلك مروان بن الحكم، إذ قال لعثمان : تكلَّم وأعلِمِ الناس أنَّ أهل مصر قد رجعوا، وأنَّ ما بلغهم عن إمامهم كان باطلاً، قبل أن يجيء الناس إليك من أمصارهم، ويأتيك ما لا تستطيع دفعه! ففعل عُثمان ذلك (١).
فثارت الفتنة من جديد، وانتفضت الجموع الغاضبة، فتشبَّث عُثمان مرَّةً أُخرىٰ بعليٍّ عليهالسلام بعد أن رجع المصريون وحاصروه، فقال له : «يا ابن عمِّ، إنَّ قرابتي قريبة، ولي عليك حقٌّ عظيم، وقد جاء ما ترىٰ من هؤلاء القوم، وهم مُصبِّحيَّ، ولك عند الناس قدر وهم يسمعون منك، وأُحبُّ أن تركب إليهم فتردَّهم عنِّي».
فقال له عليٌّ عليهالسلام : « علىٰ أيِّ شيءٍ أردُّهم عنك »؟
قال : «علىٰ أن أصير إلىٰ ما أشرت إليه ورأيته لي».
فقال عليٌّ : « إنِّي قد كلَّمتك مرَّةً بعد أُخرىٰ، فكلُّ ذلك نخرج ونقول، ثُمَّ ترجع عنه، وهذا من فعل مروان وابن عامر ومعاوية وعبدالله بن سعد، فإنَّك أطعتهم وعصيتني ».
قال عُثمان : «فأنا أعصيهم وأُطيعك».
فأمر الناس، فركب معه من المهاجرين والأنصار ثلاثون رجلاً، فأتىٰ المصريِّين فكلَّمهم، فذكر لهم ما وعد به عُثمان من العمل بالحق وإرضائهم (٢).
_______________________
١) الكامل في التاريخ ٣ : ٥٤، تاريخ الطبري ٤ : ٣٦٠.
٢) الكامل في التاريخ ٣ : ٥٣ ـ ٥٤.