للآخر ، ففي زمان الأوّل حيث إنّه لا يتحقّق مسقطه وهو فعل الثاني يكون هو المتعيّن ، نعم بناءً على أنّ نتيجة التساوي هو التخيير يكون المكلّف هنا مخيّراً بينهما.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الأمر بالثاني وإن كان متحقّقاً في ظرف الأوّل إلاّ أنّه لا يكون محرّكاً وشاغلاً للمكلّف ، فلا يكون مزاحماً للأوّل. وأمّا لزوم حفظ القدرة للثاني فهو وإن كان محقّقاً في ظرف الأوّل ، إلاّ أنّه لا يزيد على أصله الذي هو الأمر الثاني في عدم مزاحمته للأمر الأوّل ، فتأمّل.
وأمّا الترجيح بالأهمية فعلى الظاهر أنّها لا تخرج عن تقديم ما هو الأقوى ملاكاً الذي منع قدسسره من جريانه في التزاحم المأموري وخصّه بالتزاحم الآمري فتأمّل. وتمام الكلام في محلّه من باب التزاحم.
قوله : بداهة أنّه لو كان مفاد أحد الدليلين بمدلوله المطابقي ما تقتضيه نتيجة تحكيم الخاصّ والمقيّد على العام والمطلق لكان حاكماً على الآخر ... الخ (١).
لا يخفى أنّ مفاد الدليل الحاكم بمدلوله المطابقي مثل قولنا : النحوي ليس بعالم بالنسبة إلى أكرم العلماء ، ليس هو عين نتيجة تحكيم الخاصّ مثل لا تكرم النحويين ، فإنّ نتيجة تحكيم هذا على أكرم العلماء هي أنّ النحوي لا يجب إكرامه لكن المدلول المطابقي لمثل قولنا : النحوي ليس بعالم ليس هو عين هذه النتيجة ، بل إنّ مفاد مدلوله المطابقي هو نفي العالمية عن النحوي ، وحيث إنّه عالم وجداناً لزمنا صرفه إلى نفي آثار العالم عنه ليكون من قبيل نفي الحكم بلسان نفي موضوعه ، تنزيلاً لنفي الموضوع منزلة نفي الحكم ، وبذلك يكون هذا الدليل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧١١.