قوله : ومنها ما إذا وقع التعارض بين مفهوم الشرط ومفهوم الغاية كقوله : يجب الامساك إلى الليل ، وقوله : إن جاءك زيد فلا يجب الامساك في الليل ... الخ (١).
لا يخفى أنّ مفهوم القضية الأُولى هو أنّه لا يجب الامساك في الليل سواء جاء زيد أو لم يجئ ، ومفهوم القضية الثانية هو أنّه إن لم يجئ زيد وجب الامساك في الليل ، والثاني أخصّ من الأوّل ، لأنّ موضوعهما هو الليل ، وقد حكم في الأوّل بأنّه لا يجب الامساك فيه سواء جاء زيد أو لا ، وحكم في الثاني بأنّه يجب الامساك فيه إن لم يجئ زيد (٢) ، فلابدّ من إسقاط لفظ « الليل » من منطوق الثانية ليكون مفهومها هو أنّه إن لم يجئ زيد وجب الامساك سواء كان في الليل أو في النهار ، فيكون هذا المفهوم أعمّ من وجه من مفهوم الأُولى الذي هو الغاية ، لانفراد مفهوم الغاية في مجيء زيد ليلاً ، ومقتضاه عدم وجوب الامساك ، وهو موافق لمنطوق القضية الثانية ، وينفرد الثاني في عدم مجيء زيد في النهار ، ومقتضاه وجوب الامساك فيه ، وهو موافق لمنطوق الأُولى ، ويجتمعان في صورة عدم مجيء زيد ليلاً. ومقتضى الأوّل ـ أعني عدم مجيء زيد الذي هو شرط المفهوم في القضية الثانية ـ وجوب الامساك ، ومقتضى الثاني ـ أعني الليل الذي [ هو ] موضوع المفهوم في القضية الأُولى ـ عدم وجوب الامساك ، وهذه الصورة أعني صورة الاجتماع غير داخلة في منطوق الأُولى ، لأنّه متعرّض لحكم النهار ، فلا يدخل فيه الليل ، كما أنّها غير داخلة في منطوق الثانية ، لأنّ منطوق الثانية متعرّض لحكم مجيء زيد ، فلا تدخل فيه صورة عدم مجيء زيد الذي هو
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٣٢.
(٢) [ في الأصل : إن جاء زيد ، والصحيح ما أثبتناه ].