استحباب إكرام الصرفيين يدلّ بالالتزام على نفي الوجوب في مورد المعارضة الذي هو النحوي الصرفي ، وبعد فرض توافقها على نفي الوجوب فيه لم يمكن الرجوع فيه بعد سقوط كلّ منهما إلى العام الفوق ، أعني قوله : يجب إكرام العلماء ، ولكن سيأتي (١) إن شاء الله تعالى أنّه لا مانع من الرجوع إلى العموم المزبور.
وعلى كلّ حال ، فإنّ ما نحن فيه لا دخل له بهذا ، ولا بما تقدّم من مثال المتّفقين في الحكم المخالف للعام ، بل إنّ ما نحن فيه من قبيل المتعارضين اللذين [ يكون ] أحدهما موافقاً للعام.
فائدة : لو كان لنا عامان وورد خاصّ يوجب رفع اليد عن أحدهما ، وقع التعارض في أصالة العموم بالنسبة إليهما ، لكن لو كان بقاء العموم في أحدهما المعيّن موجباً لخروج الخاصّ عن الآخر تخصّصاً تعيّن العمل بعموم ذلك العام دون طرفه.
ومثال ذلك ما هو محرّر في عيوب السنة التي منها الجذام ، فلو فرضنا أنّ لنا عاماً يدلّ على أنّ التلف مسقط للخيار ، وعام آخر يقول إنّ الجذام موجب للانعتاق ، فإن أبقينا الثاني على عمومه للمملوك مع كون الخيار لمالكه ، بأن يكون شاملاً لما نحن فيه وحكمنا فيه بالانعتاق ، كان خارجاً عن عموم التلف مسقط للخيار بالتخصيص ، وإن أخرجنا ما نحن فيه عن العموم الثاني وحكمنا فيه بعدم الانعتاق ، كان ما نحن فيه خارجاً عن عموم التلف خروجاً موضوعياً بالتخصّص.
وحينئذ نقول : إنّ عموم التلف لا يمكن العمل به في مسألة الجذام للعلم بخروجها منها إمّا تخصيصاً أو تخصّصاً ، فيكون العام الآخر وهو كونه موجباً
__________________
(١) في الصفحة : ١٢٦ وما بعدها.