ولا يخفى الجواب عنه ، فإنّ ما فرضه السائل إنّما هو التساوي في صفات الحاكم ، وبعد أن فرض السائل التساوي في صفات الحاكم انتقل عليهالسلام إلى مرجّحات الرواية ، فأمره بالأخذ بالمشهور ، وأين هذا من التساوي في صفات الراوي ، انتهى.
قلت : كأنّه قدسسره لا يقول بدلالة الرواية المقبولة على الترجيح بالصفات ، وإنّما أقصى ما فيها هو الإشعار ، ولأجل ذلك لا يكون ذكره مقدّماً وفرض التساوي فيها ثمّ الترجيح بالشهرة دليلاً على تقدّمه عليها.
ولكن لا يخفى أنّه بعد فرض عدم دلالة المقبولة على كونه مرجّحاً في مقام الرواية لا أثر ولا موضوع للكلام على تقدّمه على الشهرة أو تأخّره عنها ، ولو فرضنا دلالتها على كونه مرجّحاً في مقام الرواية كانت المقبولة وافية الدلالة على تقدّمه على الشهرة ، لكنّك قد عرفت فيما تقدّم (١) فيما نقلناه عنه قدسسره أنّ الترجيح بالصفات أجنبي عن الترجيح في مقام الرواية ، وأنّه لم يجد في الفقه من قدّم إحدى الروايتين على الأُخرى بكون راويها أعدل أو أفقه من راوي الأُخرى.
قوله : أمّا الشهرة الروايتية فهي عبارة عن اشتهار الرواية بين الرواة وتدوينها في كتب الأحاديث ، ولا إشكال في كونها مرجّحة لأحد المتعارضين ، بل هي المراد من قوله عليهالسلام في المقبولة : « فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه » (٢).
أفاد قدسسره فيما حرّرته أنّ الشهرة على ثلاثة أنواع : شهرة الرواية وشهرة العمل وشهرة الفتوى. أمّا الأُولى : فتفصيل الكلام فيها أنّهم قسّموا الرواة إلى ثلاث
__________________
(١) في الحاشية السابقة.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٧٨٥ ـ ٧٨٦.