قوله : وقد حكي عن بعض القول بالتخيير مطلقاً ، لإطلاق أدلّة التخيير وحمل أخبار الترجيح على الاستحباب ... الخ (١).
لا يخفى أنّا لو تمّ لنا ما تقدّم (٢) من تقديم رواية العيون على أخبار التخيير ، إمّا من جهة الحكومة أو من جهة تقيّدها بما عدا الرُخَص ، لم يبق عندنا ما يدلّ على إطلاق التخيير كي نحتاج إلى دعوى كون أخبار الترجيح مخصّصة لأخبار التخيير.
نعم ، بعد إسقاط أخبار التخيير ، وحمل أخبار التوقّف والارجاء على التساقط ، نحتاج إلى دعوى التخصيص ، وأنّ هذا التساقط إنّما يكون بعد فقد المرجّح ، ومع قطع النظر عمّا ذكرناه من تحكيم رواية العيون على أخبار التخيير فلابدّ من إثبات إطلاق في ناحية أخبار التخيير كي نحتاج إلى دعوى التخصيص.
فنقول : إنّ عمدة أخبار التخيير هي رواية الحسن بن الجهم ، ورواية الحارث بن المغيرة بعد إسقاط الغاية فيها عن كونها مقيّدة بزمان الحضور.
أمّا رواية الحسن بن الجهم فقد عرفت أنّها مقيّدة بما أفاده صدرها من الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة.
وأمّا رواية الحارث بن المغيرة فلا يبعد أن يكون المراد من قوله عليهالسلام فيها : « فموسّع عليك حتّى ترى القائم عليهالسلام » (٣) هو تلك التوسعة التي تضمّنتها إحدى موثّقتي سماعة أعني قوله عليهالسلام : « يرجئه حتّى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتّى يلقاه » (٤) التي قرنها مع الارجاء الذي هو التوقّف الذي عرفت أنّه عبارة عن
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٧٠.
(٢) في الصفحة : ١٦٢ وما بعدها.
(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤١.
(٤) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٨ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٥.