أعني قبح العقاب بلا بيان ، بل إنّما يرتفع موضوع هذه البراءة العقلية بالنظر إلى ثبوت المتعبّد به ، بحيث إنّه لو فرضنا محالاً انفكاك التعبّد عن ثبوت المتعبّد به لم تكن الأمارات المذكورة رافعة لموضوع البراءة العقلية.
وبعد أن فرضنا أنّ موضوع حجّية الظهور في كشفه عن إرادة المتكلّم مقيّد بعدم ثبوت ما يدلّ على إرادة خلافه ، يكون الخاصّ المذكور وارداً على ظهور العام لا حاكماً عليه ، لارتفاع موضوعه بذلك ارتفاعاً وجدانياً ، من دون فرق في ذلك بين القول بأنّ أصالة الظهور متوقّفة على أصالة عدم القرينة ، أو القول بأنّها في حدّ نفسها كاشفة كشفاً نوعياً عن إرادة المتكلّم ، لارتفاعها ولو على هذا القول بقيام الدليل على حجّية ذلك الخاصّ.
نعم ، لو كانت حجّية أصالة الظهور مقيّدة بعدم العلم الوجداني بإرادة المتكلّم خلاف الظاهر ، لكان الدليل على حجّية ذلك الخاصّ حاكماً عليها لا وارداً ، لأنّ الدليل على حجّية ذلك الخاصّ حينئذ لا يرفع موضوع ذلك الظهور للعام رفعاً حقيقياً ، بل إنّما يرفعه تنزيلاً.
والظاهر أنّه لا فرق في ذلك كلّه بين كون الخاصّ ظنّي الدلالة والسند وكونه ظنّياً من إحدى الجهتين. نعم لو كان قطعي الدلالة وقطعي السند لكان تقدّمه عليه من باب التخصّص لا الورود ولا الحكومة ، فتأمّل جيّداً.
قوله : فتأمّل في أطراف ما ذكرناه جيّداً ، وتأمّل في عبارة الشيخ قدسسره حقّ التأمّل (١).
قال الشيخ قدسسره : ثمّ إنّ ما ذكرنا من الورود والحكومة جارٍ في الأُصول اللفظية
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٢٥.