قوله : بل طريق رفع التعارض ينحصر بأحد أمرين ، إمّا أن يكون أحدهما نصّاً في مدلوله والآخر ظاهراً ، وإمّا أن يكون أحدهما بظهوره أو أظهريته ... الخ (١).
مثال الأوّل : الخاصّ القطعي الدلالة ، ويتأتّى تقديم النصّ على الظاهر في المتباينين كما لو قال : لا تشرب التتن ، وورد أنّه يجوز له شربه ، فإنّ الثاني لكونه نصّاً في الجواز يكون قرينة على أنّ المراد بقوله : « لا تشرب » الكراهة. ومثال الثاني : الخاصّ الظاهر الدلالة.
وللأوّل ملحقات كما أنّ للثاني ملحقات ، فملحقات الأوّل هي ما أشار إليها بقوله : ومنها ما إذا كان لأحد الدليلين قدر متيقّن في مقام التخاطب ـ إلى قوله ـ هذا كلّه فيما يندرج في الأمر الأوّل (٢). وأمّا ملحقات الثاني فهي ما أشار إليها بقوله : وأمّا ما يندرج في الأمر الثاني الخ (٣).
ولعلّ هذا الترتيب أولى ممّا في هذا التحرير من إدخال الأوّل في ملحقاته وجعل الموارد خمسة ، ولا يخفى ما فيه ، كما أنّه على التحرير المذكور لم يذكر الخاصّ الظاهر في التخصيص.
ثمّ لا يخفى أنّ القدر المتيقّن في مقام التخاطب وإن لم يوجب انصراف المطلق إلى المقيّد ، إلاّ أنّه على الأقل يوجب سقوط حجّية المطلق في الاطلاق ، وتنحصر حجّيته في خصوص القدر المتيقّن ، وحينئذ يكون أخصّ من العام الآخر ، لكن لا من باب ظهوره في التخصيص ، بل من باب اختصاص حجّيته
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٢٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٧٢٨ ـ ٧٢٩.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٧٢٩.