في البين رجحان سندي أو جهتي لأحدهما على الآخر أو يكون ، فالمبحث الأوّل في الجمع الدلالي. الثاني : في التعادل وأنّ الأصل فيه التخيير أو التساقط. الثالث : في التراجيح.
وهذا الترتيب أولى ممّا صنعه الشيخ قدسسره من جعل باب التعارض مشتملاً على مقصدين هما التعادل والتراجيح ، وجعل قاعدة الجمع مقدّمة ، وذلك لأنّ قاعدة الجمع قاعدة مهمّة ينبغي أن تفرد في مبحث على حدة. ثمّ أخذ قدسسره في بيان الجمع الدلالي وموارده.
قلت : ولا يخفى أنّ قاعدة الجمع الدلالي مع أهميّتها التي أشار إليها قدسسره هي ذات مزية أُخرى ينبغي أن تنفرد بالبحث ، ويكون البحث عنها سابقاً على المبحثين المشار إليهما أعني مبحث التعادل ومبحث التراجيح ، لأنّ هذين البحثين في طول قاعدة الجمع ، فبعد عدم إمكان الجمع الدلالي بين الخبرين المتنافيين يقعان مورداً للتعادل أو للتراجيح.
قوله : وكذا لا عبرة بما ذكروه في تعارض الأحوال من الشيوع والغلبة وكثرة الاستعمال ونحو ذلك ، فإنّه لا أثر لشيء منها في رفع التعارض (١).
قلت : ولكن ربما قدّم الفقيه أحد الخبرين على الآخر لأجل بعض هذه الأُمور أو لما هو أضعف منها حسب ما يراه في ذوقه العرفي مرجّحاً دلالياً ، فإنّ هذه الأُمور لا تدخل تحت ضابط ، لأنّها كما أشرنا إليها ذوقية ، فربما رأى الفقيه أنّ كثرة الاستعمال في بعض الموارد موجبة لتمامية الظهور على وجه تلحق بالقرينة المتّصلة ، ويكون الفقيه الآخر على خلاف ذلك.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٢٧.