أصالة الصدور ، أمّا ما يكون نسبته إليه ممكناً فلا مانع من إجراء أصالة الصدور فيه ، وبعد الحكم بصدوره عنه يحكم فعلاً بأنّه عليهالسلام أراد مضمونه ، وعلى ذلك يترتّب سقوط سند كلّ من المتعارضين ، إذ لا يمكن الحكم على أحدهما بأنّه عليهالسلام أراد مضمونه لمعارضة الطرف الآخر له ، وهكذا الحال في الآخر.
وخلاصة ذلك : أنّ أصالة الصدور في الخبر تتوقّف على عدم المانع من نسبة مضمونه إلى الإمام عليهالسلام ، ولا فرق في المانع بين كونه مثل المثال أعني ظلم اليتيم ، أو كونه من جهة وجود المعارض الموجب لعدم إمكان نسبة مضمون كلّ منهما إليه عليهالسلام.
قوله : فلو كان مفاد أحد المتعارضين وجوب الدعاء عند رؤية الهلال وكان مفاد الآخر حرمة الدعاء في ذلك الوقت ، فبالنسبة إلى نفي الكراهة والاباحة والاستحباب عن الدعاء عند رؤية الهلال يتوافقان ... الخ (١).
لا يخفى أنّه لو كان لنا عموم يدلّ على استحباب مطلق الدعاء في أيّ وقت ، كان مقتضى القاعدة هو الرجوع إلى ذلك العموم بعد تساقط الخاصّين المتباينين أعني ما يدلّ على وجوب الدعاء المذكور وما يدلّ على حرمته ، كما هو الشأن في الخاصّين المتعارضين ، فإنّ المرجع بعد تساقطهما هو العموم الذي يكون فوقهما.
لكن ذلك إنّما هو فيما لو كان أحد الخاصّين موافقاً للعام والآخر مخالفاً ، كما لو قال : أكرم العلماء ، وقال : أكرم النحويين ، وقال : لا تكرم النحويين ، فإنّه على الظاهر لا كلام في أنّه بعد تساقط هذين الخاصّين يكون المرجع هو العموم المذكور ، وهذا بخلاف ما نحن فيه ممّا يكون كلّ من الخاصّين مخالفاً للعام ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٥٦ ـ ٧٥٧.