فإنّهما يتّفقان في نفي مفاد الحكم العام في موردهما ، وهذا المقدار كافٍ في سقوط العام وعدم إمكان التمسّك به في موردهما.
وقد يقال : إنّه لو حصل لنا العلم من الخارج بأنّ الحكم في مورد الخاصّين لا يخرج عن مفاد أحدهما ، لكان الموجب لسقوط العموم هو ذلك العلم ، وكان ذلك العلم موجباً للعلم الاجمالي بأنّ الحكم في مورد الخاصّين على طبق أحدهما ، وذلك خلاف ما هو المفروض ، إذ المفروض هو أنّه ليس لنا في قبال ذلك العام إلاّما يفيده هذا الخاصّ وما يفيده ذلك الخاصّ ، وبعد فرض سقوط حجّية كلّ منهما بالمعارضة لا يكون لدينا ما يوجب رفع اليد عن عموم ذلك العام في موردهما ، فلم يبق بأيدينا سوى اتّفاقهما في نفي مفاد العموم في موردهما استناداً إلى الدلالة الالتزامية لكلّ منهما ، من جهة أنّ ما يدلّ على كون حكم الدعاء المذكور هو التحريم يدلّ بالالتزام على نفي الاستحباب ، وكذلك ما يدلّ على أنّ حكمه هو الوجوب يدلّ بالالتزام على نفي استحبابه ، وحيث إنّهما لا معارضة بينهما في هذا اللازم ، لم يكن مانع من حجّيتهما فيه ، فتكون دلالتهما الالتزامية عليه مخصّصة لعموم العام.
وفيه : أنّ الدلالة الالتزامية لمّا كانت لازمة للمطابقية كانت تابعة لها وجوداً وحجّية ، وتوضيح ذلك هو ما عرفت مكرّراً من أنّ للدلالة والظهور مرتبتين :
الأُولى : مرتبة استفادة حاصل الجملة بمدلولها المطابقي ومدلولها الالتزامي ، وفي هذه المرتبة لا يعقل التفكيك بينهما ، وإلاّ خرجت الدلالة الالتزامية عن كونها دلالة على اللازم ، فإنّ التفكيك بينهما لازمه القول بعدم الملازمة بين المدلولين ، هذا خلف.
المرتبة الثانية : مرتبة نسبة حاصل الجملة إلى المتكلّم والحكم عليه بأنّه