أراده ، وفي هذه المرتبة أيضاً لا يعقل التفكيك بينهما ، لأنّ الحكم على المتكلّم بأنّه أراد اللازم فرع الحكم عليه بأنّه أراد الملزوم ، فما لم يمكن الحكم عليه بأنّه أراد الملزوم لا يمكن الحكم عليه بأنّه أراد اللازم ، وهذه المرتبة هي عبارة أُخرى عن حجّية الظهور.
وحينئذ نقول : إذا أسقطنا حجّية ظهور قوله : يجب الدعاء عند رؤية الهلال لوجود المعارض ، فلم يمكننا أن نحكم بأنّ المتكلّم أراد الوجوب ، وأسقطنا حجّية ذلك القول في كشفه عن إرادة المتكلّم ، أو أسقطنا حجّية سنده فلم يمكننا الحكم عليه بأنّه قد صدر منه ذلك الكلام ، وإذا لم نحكم عليه بأنّه قد صدر منه لم يمكننا الحكم عليه بأنّه أراد الوجوب ، ومع عدم إمكان الحكم عليه بأنّه أراد الوجوب كيف يمكننا الانتقال إلى أنّه أراد لازمه الذي هو عدم الاستحباب.
والحاصل : أنّ الحكم على المتكلّم بأنّه قد أراد ذلك اللازم الذي هو محصّل الحجّية بالنسبة إلى المدلول الالتزامي ، يتوقّف على الحكم عليه بأنّه قد أراد الملزوم ـ أعني المعنى المطابقي ـ الذي هو عبارة عن الحجّية بالنسبة إلى المعنى المطابقي ، فيكون سقوط الحجّية بالنسبة إلى المعنى المطابقي موجباً لسقوط الحجّية بالنسبة إلى المعنى الالتزامي.
والحاصل : أنّه مع عدم إمكان الحكم على المتكلّم بأنّه قد أراد المعنى المطابقي ، كيف يمكن الحكم عليه بأنّه قد أراد المعنى الالتزامي ، الذي عرفت أنّه لا يحكم على المتكلّم بأنّه أراده إلاّبعد الحكم عليه بأنّه قد أراد ملزومه.
ومنه يظهر حال البيّنة القائمة على ملاقاة هذا الماء القليل للدم ، والأُخرى القائمة على ملاقاته للبول ، فإنّه بعد سقوطهما لا مانع من الرجوع فيه إلى قاعدة الطهارة ، من جهة أنّ الحكم بالنجاسة إنّما هو من جهة الحكم بملاقاة البول ، فما