لم يمكن الحكم بأنّه لاقى البول لا يمكننا الحكم عليه بالنجاسة.
اللهمّ إلاّ أن يفرّق بين ما نحن فيه وبين تعارض البيّنات ، ففيما نحن فيه يكون التلازم بين الارادتين ، وما لم يمكن الحكم بإرادة الملزوم لا يمكن الحكم بإرادة اللازم ، بخلاف تعارض البيّنات فإنّ التلازم فيه يكون بين الملاقاة الواقعية للبول وبين النجاسة الواقعية ، وسقوط حجّية البيّنة في الملزوم لا يوجب سقوطها في اللازم.
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ البيّنة لا تشتمل على حكايتين ، وإنّما تحكي ابتداءً عن الملزوم ، ونحن بعد إثبات الملزوم نرتّب اللازم وإن لم تكن الشهود في البيّنة شاعرة بذلك اللازم ، وحينئذ فإذا لم يمكننا إثبات الملزوم كيف يمكننا إثبات اللازم.
نعم ، لو كانت الشهود في البيّنة شهدوا باللازم كما شهدوا بالملزوم ، بأن قالوا : هذا نجس لأنّه قد لاقى البول ، أو قالوا : هذا قد لاقى البول فهو نجس ، لم يكن سقوطها في إثبات الجزء الثاني من مدلولها موجباً لسقوطها في إثبات الجزء الأوّل منه.
ويتفرّع على ذلك أنّه لو لم يكن لنا إلاّبيّنة واحدة ، لكن أحد الشاهدين شهد بملاقاة البول ، والآخر شهد بملاقاة الدم ، فهل نقول إنّه قد تمّت البيّنة بالنسبة إلى اللازم الذي هو النجاسة ، أو يفرّق في ذلك بين وحدة الواقعة فيترتّب اللازم ، وبين احتمال تعدّدها فلا يترتّب اللازم المذكور؟ وربما يقال في ذلك بالعكس ، فمع وحدة الواقعة لا يترتّب اللازم بخلاف احتمال تعدّدها.
والحاصل : إنّ الانتقال إلى اللازم تارةً يكون من قبيل الاستدلال ، بأن تكون الأمارة كخبر الواحد أو البيّنة حجّة في إثبات الملزوم ، ونحن بعد ثبوت الملزوم