ننتقل إلى لازمه ونحكم بثبوته لثبوت ملزومه ، كما لو أخبرنا المخبر أو قامت البيّنة على وجود الدخان ، فإنّا بعد ثبوت وجود الدخّان ننتقل إلى ملازمه وهو وجود النار فنحكم بوجودها ، فإذا كان هناك ما يمنع من كون ذلك الخبر أو تلك البيّنة مثبتة لمؤدّاها كوجود معارض لها في ذلك ، لم يكن لنا طريق نثبت به وجود الدخّان كي ننتقل منه إلى ملازمه وهو وجود النار ، حتّى لو كان ذلك المعارض مشاركاً لهذا الخبر أو لهذه البيّنة في كون ما يحكيه ملزوماً لوجود النار ، لأنّ هذين المحكيين لا يمكننا إثبات أحدهما كي ننتقل إلى ملازمه الذي هو وجود النار.
نعم ، لو قلنا بعدم سقوط كلا المتعارضين ، بل قلنا ببقاء أحدهما على الحجّية ، لكان إثبات ذلك الملازم بمكان من الامكان ، لكنّك قد عرفت أنّ التعارض يوجب سقوط كلّ من المتعارضين ، هذا إذا كان المقام من قبيل الاستدلال والانتقال من ثبوت الملزوم إلى ثبوت اللازم.
وإن كان المقام من قبيل الدلالة الالتزامية ، بمعنى كشف الظهور عن إرادة المتكلّم والحكم عليه بأنّه قد أراد اللازم ، فقد عرفت أنّ الحكم عليه بأنّه أراد اللازم يتوقّف على إرادته الملزوم ، أعني أنّ حجّية الظهور في كشفه عن إرادة اللازم تتوقّف على حجّية الظهور في كشفه عن إرادة الملزوم الذي هو المعنى المطابقي ، ووجود المعارض يمنع من حجّية الظهور في كشفه عن إرادة المتكلّم ذلك الملزوم الذي هو المعنى المطابقي.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الدلالة ولو بالمرتبة الثانية ـ أعني الحكم على المتكلّم بأنّه أراد المعنى ـ تكون الالتزامية منها متوقّفة على المطابقية ، لكن حجّية تلك الدلالة مطلب آخر ، بمعنى أنّ حجّية الالتزامية لا تتوقّف على حجّية المطابقية ، وأمّا دعوى كون الكشف عن إرادة اللازم في عرض الكشف عن إرادة الملزوم ،