قوله : المبحث الخامس في حكم التعارض (١).
قال قدسسره فيما حرّرته عنه : إنّ الكلام يقع في ثلاثة مباحث ، فإنّ المتعارضين إمّا أن يمكن الجمع بينهما من حيث الدلالة بحمل أحدهما على الآخر بنحو يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى ، وإمّا لا يمكن فيهما ذلك ، وعلى الثاني فإمّا أن لا يكون
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٢٥.
[ وجدنا ورقة منفصلة ألحقها المصنّف قدسسره بالأصل ، فيها ما يلي : ]
وأمّا قولهم : الجمع مهما أمكن فهو أولى من الطرح ، فليس هو في هذا المقام ، بحيث إنّه لو كانت إحدى الروايتين أقوى سنداً من الأُخرى لكن أمكن تأويلها وحملها على خلاف ظاهرها على وجه ترجع إلى مفاد الأُخرى ، كان ذلك التأويل أولى من الرجوع إلى المرجّحات السندية القاضية بطرح الأُخرى ، بل هو في مقام احترام الرواية وأنّها لو عورضت بأُخرى هي أقوى منها وكانت قواعد التعارض قاضية بالعمل على تلك الأُخرى ، فالذي ينبغي هو إرجاع مضمون هذه مهما أمكن ولو بالتأويل إلى مضمون تلك ، فإنّ ذلك أولى من طرحها وإلقائها ـ كما في لسان أهل عصرنا ـ في سلّة المهملات ، ومن الواضح أنّ ذلك لا دخل له بالجمع الدلالي السابق في الرتبة على الجمع السندي ليرد عليه أنّه لو فتحنا هذا الباب لانسدّ باب التعارض ، فإنّه بقرينة مقابلته بالطرح يكون المراد به هو أنّه بعد إعمال قواعد التعارض القاضية بتقديم هذه وطرح تلك يكون تأويل تلك وإرجاع مفادها إلى مفاد هذه أولى من طرحها.
نعم ، يرد عليه أنّ ذلك لا يكون من القواعد التي ينبغي أن تحرّر ، بل هو حكم احترامي لا يترتّب عليه أثر عملي في مقام الاستنباط ، فلاحظ وتأمّل.
والخلاصة : هي أنّ المراد هو أنّ تأويل الرواية التي هي ضعيفة سنداً أولى من طرحها ، لا أنّ تأويل الأقوى سنداً أولى من طرح الأُخرى ، ولا أنّ تأويل الروايتين أولى من طرح ما هي الأضعف سنداً منهما ، ولا أنّ تأويلهما معاً أولى من طرحهما معاً لو قلنا بالتساقط عند التساوي في المرجّحات السندية [ منه قدسسره ].