الرجوع فيه بعد فقد المرجّحات الدلالية إلى التساقط كما سيأتي (١) بيانه إن شاء الله تعالى.
ولكن لا يخفى أنّ ذلك ـ أعني مجرّد عدم الأثر العملي للقول بالتخيير والقول بالتوقّف ـ لا يرفع التعارض الواقع بين أخبار التوقّف وأخبار التخيير ، فلابدّ من رفع التعارض بينهما بما أشار إليه سابقاً من الوجهين المذكورين ، وأجودهما الثاني ، أعني حمل أخبار التخيير والتوسعة على موارد التعارض في الاستحباب والكراهة ونحوهما من الأحكام الترخيصية كما هو مورد رواية ابن مهزيار في صلاة النافلة في المحمل (٢) ، ومورد مكاتبة الحميري في التكبير الانتقالي ، وكما صرّحت به رواية العيون من التفصيل بما مفاده حكومتها على أخبار التخيير والتوسعة ، وبيان المراد من تلك التوسعة وشرح موردها.
ولا بأس بنقل رواية العيون التي أشرنا إليها ، فإنّها يمكن الاكتفاء بها في ضابط الحكم في باب التعارض ، فنقول بعونه تعالى : قال الشيخ الصدوق قدسسره في كتابه عيون أخبار الرضا عليهالسلام : حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثني محمّد بن عبد الله المسمعي ، قال : حدّثني أحمد بن الحسن الميثمي « أنّه سئل الرضا عليهالسلام يوماً وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في الشيء الواحد ، فقال عليهالسلام : إنّ الله عزّوجلّ حرّم حراماً وأحلّ حلالاً وفرض فرائض ، فما جاء في تحليل ما حرّم الله أو تحريم ما أحلّ الله أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بيّن قائم بلا ناسخ نسخ ذلك ، فذلك ما لا يسع الأخذ به ، لأنّ
__________________
(١) راجع الحاشيتين الآتيتين في الصفحة : ٢٩٧ و ٣٠٧.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٤.