رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يكن ليحرّم ما أحلّ الله ، ولا ليحلّل ما حرّم الله عزّوجلّ ، ولا ليغيّر فرائض الله وأحكامه ، كان في ذلك كلّه متّبعاً مسلّماً مؤدّياً عن الله عزّوجلّ ، وذلك قول الله عزّوجلّ : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ) (١) ، فكان صلىاللهعليهوآله متّبعاً لله مؤدّياً عن الله عزّوجلّ ما أمره به من تبليغ الرسالة ، قلت : فإنّه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ممّا ليس في الكتاب وهو في السنّة ثمّ يرد خلافه ، فقال : وكذلك قد نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عن أشياء نهي حرام فوافق نهيه في ذلك نهي الله تعالى ، وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجباً لازماً كعدل فرائض الله تعالى ووافق في ذلك أمره أمر الله ، فما جاء في النهي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهي حرام ثمّ جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك ، وكذلك فيما أمر به ، لأنّا لا نرخّص فيما لم يرخّص فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا نأمر بخلاف ما أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلاّلعلّة خوف ضرورة ، فأمّا أن نستحلّ ما حرّم رسول الله صلىاللهعليهوآله أو نحرّم ما استحلّ رسول الله صلىاللهعليهوآله فلا يكون ذلك أبداً ، لأنّا تابعون لرسول الله صلىاللهعليهوآله مسلّمون له كما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله تابعاً لأمر ربّه عزّوجلّ مسلّماً له ، وقال الله عزّوجلّ : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٢) ، وإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة وكراهة ، وأمر بأشياء ليس أمر فرض ولا واجب ، بل أمر فضل ورجحان في الدين ، ثمّ رخّص في ذلك للمعلول وغير المعلول ، فما كان عن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهي إعافة أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعمال الرخص فيه ، إذا ورد عليكم عنّا فيه الخبر باتّفاق يرويه من يرويه في النهي ولا ينكره ، وكان الخبران صحيحين معروفين باتّفاق الناقلة فيهما ، يجب الأخذ بأحدهما أو بهما
__________________
(١) الأنعام ٦ : ٥٠ ، يونس ١٠ : ١٥ ، الأحقاف ٤٦ : ٩.
(٢) الحشر ٥٩ : ٧.