نظير وضع شخصين يدهما على ما يملك بالحيازة ، ولا ريب أنّ الحكم في ذلك هو التنصيف ، وإلى الآن لم نتصوّر هذه السببية في حقوق الله تعالى.
وأمّا إذا كانت سببية الأمارة بالنسبة إلى الحكم الذي هو مؤدّاها ، فهو غير متصوّر على مذهب المخطّئة ، وأمّا على مذهب المصوّبة فالذي ينبغي أن يقال : إنّه إذا كان مؤدّى إحداهما وجوب شيء والأُخرى وجوب ضدّه مع عدم إمكان الجمع بينهما ، فالحكم هو الرجوع إلى باب التزاحم ، وإن كان مؤدّى إحداهما هو وجوب شيء ومؤدّى الأُخرى حرمته فالحكم هو التخيير ، انتهى.
ولا يخفى أنّ هذه الأسطر مجمل من تفصيلات أفادها قدسسره في ليالي متفرّقة يفصل بينها تعطيلات ، فلذلك لم أتمكّن من ضبط ما أفاده مفصّلاً مع ما كنت عليه من الابتلاء بكثرة الأشغال ، هذا من ليلة ٢١ ج ٢ سنة ١٣٤٥ إلى ليلة ٢٦ رجب ، وقد أفاد في تلك الليلة أنّ الأمارتين المتعارضتين بالنسبة إلى نفي الثالث حجّة ، وأمّا بالنسبة إلى الأصل ، فإن كان احتياطاً على خلافهما أسقطاه ، لدلالة كلّ منهما على نفي موضوعه وهو احتمال التكليف في الواقع ، وإن كان المخالف لهما غير الاحتياط كان جارياً بعد تساقطهما ، لأنّ موضوعه عدم العلم بالتكليف الواقعي ، وأمّا الأصل الموافق لإحداهما فيجري بعد تساقطهما ، وهو واضح.
قوله : ولم أقف على رواية تدلّ على التوقّف مطلقاً حتّى في زمان الغيبة ، ولكن حكي ما يدلّ على ذلك أيضاً ، فتكون الأخبار على طوائف أربع ... الخ (١).
قال في الكفاية في تعداد طوائف الأخبار : ومنها ما دلّ على التوقّف
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٦٤.