في جميع موارد الشبهات الحكمية من أوّل الفقه إلى آخره ، وقد عرفت (١) الحكم في ذلك على القول بالسببية.
وأمّا الأمارات الجارية في الشبهات الموضوعية ، فالظاهر أنّ القائلين بالسببية لا يقولون بها فيما يجري في الشبهات الموضوعية ، وإنّما يقولون بذلك في خصوص الشبهات الحكمية ، ولو فرضنا أنّهم يقولون بالسببية حتّى فيما يجري من الأمارات في الشبهات الموضوعية بالنسبة إلى ما يترتّب على تلك الموضوعات من الأحكام الشرعية ، فالكلام فيها حينئذ هو الكلام في الشبهات الحكمية على ما مرّ تفصيله.
وأمّا باب تعارض البيّنات في مقام الخصومات والمنازعات فله أحكام أُخر وقواعد خاصّة مذكورة في كتاب القضاء.
وأمّا باب الأسباب في المعاملات وما يلحق بها من أسباب الملك كالحيازة ونحوه ، فهو أيضاً باب آخر له حكمه الخاصّ به كما عرفت تفصيله فيما تقدّم (٢).
ولا بأس بذكر ما حرّرته عنه قدسسره في هذا المقام ، فإنّ فيه بعض الاختلاف لما هو محرّر في هذا الكتاب ، وهذا نصّه : إنّ تعارض الأسباب في باب العقود يكون موجباً للبطلان في كلا السببين ، كما لو صدر منه عقد وصدر من وكيله عقد مناف لعقده ، وفي باب الأمارات إن كانت السببية بالنسبة إلى حكم آخر غير المؤدّى وكان في حقوق الناس فحكمه التنصيف ، كما في تعارض البيّنتين ، فإنّ البيّنة سبب لأن يكون لذيها حقّ المطالبة بالحكم على طبق بيّنته ، فيكون قيامها سبباً لحكم الحاكم بمالكية صاحبها ، وهكذا الحال من الطرف الآخر ، فيكونان حينئذ
__________________
(١) في الصفحة : ١٤٣ وما بعدها.
(٢) راجع الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ١٥٠ وما بعدها.