ناحية العام ـ أعني الحكم على المتكلّم بأنّه أراد العموم ـ مقيّدة بأن لا يكون ما يدلّ على أنّه أراد خلافه ، وبذلك تكون أصالة الظهور في الخاصّ حاكمة على أصالة الظهور في ناحية العام ، وإن كان ذلك بعد تحقّق كون ظهور الخاصّ أقوى من ظهور العام ، وحينئذ تكون الأظهرية هي الملاك في ذلك التقديم والحكومة ، ولعلّ هذا هو المراد للشيخ قدسسره.
قوله : وقد تقدّم في المباحث السابقة أنّ ضابط الورود هو أن يكون أحد الدليلين رافعاً لموضوع الآخر بنفس التعبّد ولو مع عدم ثبوت المتعبّد به ، بحيث لو فرضنا انفكاك التعبّد عن ثبوت المتعبّد به لكان رافعاً لموضوع الآخر ، وأمّا إذا توقّف الرفع على ثبوت المتعبّد به فلا يكون أحدهما وارداً على الآخر ، بل يكون حاكماً عليه ، فما نحن فيه لا يندرج في ضابط الورود ... الخ (١).
الذي عرفناه فيما تقدّم من الفرق بين الورود والحكومة أنّه بعد تحقّق التعبّد في ناحية الدليل المقدّم إن كان ارتفاع موضوع الدليل المقدّم عليه ارتفاعاً وجدانياً كان ذلك من قبيل الورود ، كما في تقدّم الأمارات على الأُصول العقلية ، وإن كان الارتفاع المذكور ارتفاعاً غير وجداني بل كان ارتفاعاً تنزيلياً ، كان ذلك من قبيل الحكومة ، كما في تقدّم الأمارات على الأُصول الشرعية ، فإنّها بعد التعبّد بها لا يرتفع موضوع الأُصول الشرعية الذي هو الشكّ إلاّ ارتفاعاً شرعياً تنزيلياً ، مع اشتراك التقديمين في توقّف الارتفاع على ثبوت المتعبّد [ به ] ، فإنّ الأمارة القائمة على وجوب الشيء مثلاً لا يكون مجرّد التعبّد بها رافعاً لموضوع البراءة العقلية
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٢٤.