المعنى الذي هو حاصل الجملة ، فإذا كانت رواية أُخرى هي مخالفة لهذه الرواية في حاصل الجملة ، كان الحكم بصدور تلك الرواية بما يترتّب عليه من التعبّد بالمرتبة الثانية من الظهور معارضاً للحكم بصدور هذه الرواية التي بأيدينا ، فيكون التعارض بين السندين بما يترتّب على كلّ منهما من الحكم على المتكلّم بأنّه أراد حاصل الجملة ، أعني بذلك المرتبة الثانية من الظهور ، ولكن يكون التعارض بين السندين على النحو المسطور والحكم على كلّ منهما بالسقوط قبل الوصول إلى المرتبة الثانية من الظهور ، فلا وجه للقول بأنّه يقع التعارض بين الظهورين بعد الفراغ عن الحكم بصحّة سند كلّ منهما ، وأنّه لا معارضة بين السندين ، وأنّ المعارضة إنّما تقع بين الظهورين. وكذلك لا وجه حينئذ للقول بأنّ التعارض يكون واقعاً بين سند كلّ منهما وظهور الآخر.
لا يقال : إنّ الدور باقٍ بحاله ، فإنّ أصالة الصدور لا تجري فيما لا تتحقّق فيه المرتبة الثانية من الظهور ، فإنّ الحكم بصدور ما لم يمكن نسبة مضمونه إلى إرادة الإمام عليهالسلام لغو لا أثر يترتّب عليه ، وحينئذ تكون أصالة الصدور متوقّفة على المرتبة الثانية من الظهور ، وقد قلتم إنّ المرتبة الثانية من الظهور متوقّفة على الصدور.
لأنّا نقول : إنّ المرتبة الثانية من الظهور ـ أعني الحكم فعلاً بأنّ الإمام عليهالسلام أراد مفاد هذه الجملة ـ وإن توقّف على أصالة الصدور ، إلاّ أنّ أصالة الصدور لا تتوقّف على الحكم الفعلي بأنّه عليهالسلام أراد مفاد هذه الجملة ، بل أقصى ما في البين هو توقّف أصالة الصدور على إمكان ذلك ، بمعنى أنّ أصالة الصدور لا تجري إلاّ في المتن الذي يمكننا أن ننسب مضمونه إليه عليهالسلام في قبال ما لا يمكن ، نظير قولنا يجب ظلم اليتيم ، فإنّه لا يمكن الحكم بأنّه عليهالسلام يريد مضمونه ، فلا تجري فيه