إنّ قيام الأمارة ـ كخبر الواحد ـ على تحقّق شيء لا يسوّغ لمن قامت عنده الأمارة الإخبار بذلك الشيء انسدّت باب الفتوى ، إذ ليس هي إلاّ الإخبار بالحكم الواقعي ، لكن قد تحقّق في محلّه أنّ ذلك مسوّغ للإخبار.
ولأجل ذلك صحّ لمن رويت له رواية عن الإمام عليهالسلام وكانت تلك الرواية حجّة كاملة أن يروي المتن عن الإمام عليهالسلام ويقول قال الإمام عليهالسلام كذا وكذا ، وهي الرواية المرسلة. ولسنا بصدد إثبات حجّية الرواية المرسلة ، بل بصدد إثبات جواز نقل المتن عن الإمام بلفظ قال الإمام عليهالسلام مع أنّه لم يسمعه ، وإنّما روي له ذلك عنه عليهالسلام.
والظاهر أنّ الأُصول الاحرازية لها هذه المنزلة من تجويز الإخبار بمؤدّاها ، بل صرّحوا وصرّحت الروايات بجواز الشهادة بمقتضاها كما حقّق ذلك في القضاء.
ثمّ إنّه قدسسره (١) لم يتعرّض لموارد الأُصول الشرعية ، بل انتقل من الكلام على الطرق والأمارات إلى الأُصول العقلية ، وأفاد أنّ المقلّد إنّما يرجع إلى المجتهد في فقد الأمارة ، فكأنّه يقلّده في ذلك لا في الحكم الشرعي أو العقلي.
وقد عرفت أنّ رجوع المقلّد إليه في جميع موارد الشبهات الحكمية إنّما هو من باب الفحص عن الحجّة على التكليف ، وهي فتوى ذلك المجتهد ، فإذا فرضنا أنّ ذلك المجتهد لم تقم عنده الحجّة على إحراز التكليف ، كان ذلك العامي ممّن لم تقم عنده الحجّة على ذلك التكليف ، بمعنى أنّه لم يعثر على فتوى مقلّده بإثبات التكليف ، فيكون شكّه حينئذ مصداقاً لما هو موضوع الأُصول الشرعية على التفصيل الذي حرّرناه من دون حاجة إلى الالتزام بأنّ المقلّد يكون
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٦٦.