تعذّر ذلك عليه لا يسوّغ له الرجوع إلى البراءة بل يلزمه الاحتياط ، نظير ما لو تعذّر على المجتهد الفحص في كتاب الوسائل مثلاً ولم يكن الوسائل حاضرة لديه عند ابتلائه بالمسألة ، فإنّه يلزمه الاحتياط ، ففيه أنّ ذلك فيما لو انحصرت الحجّة فيما تعذّر ، وأمّا بعد البناء على أنّ حجّة العامي هي فتوى مقلّده وأنّه لا ينتفع بالفحص عن الحجج الأوّلية ، فالواجب عليه مقدّمة لإجراء البراءة هو الفحص عمّا هو حجّة عليه فعلاً وهو فتوى مقلّده ، دون ما لا يمكنه تحصيل شيء منه ، فلاحظ وتدبّر.
وأمّا ما أفاده قدسسره بقوله : وأمّا تعيين ما هو حكم العقل ، وأنّه مع عدمها هو البراءة أو الاحتياط ، فهو إنّما يرجع إليه الخ (١) ، فقد عرفت تفصيل الحال فيه فيما شرحناه في المقام الرابع (٢) ، فراجع وتأمّل.
ولا يخفى أنّ ما قرّرناه من رجوع العامي إلى المجتهد إنّما هو خصوص القائل بالانفتاح ، أو القائل بالانسداد لكن على نحو الكشف أو على نحو الحكومة بمعنى حكومة العقل بحجّية الظنّ في حال الانسداد كحكمه بحجّية القطع في حال الانفتاح ، فإنّ المجتهد في هذه الصور يمكنه الإخبار بالحكم الواقعي حسبما حصل له من الظنّ. نعم بناءً على الحكومة بمعنى تبعيض الاحتياط يشكل الأمر في صحّة الإخبار له حسب ظنّه ، إذ لم يقم عنده دليل على حجّية ذلك الظنّ ، فتأمّل (٣)
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٦٦.
(٢) في الصفحة : ١٧٦.
(٣) [ وجدنا هنا أوراقاً منفصلة ألحقها المصنّف قدسسره بالأصل ، وقد ارتأينا إدراجها في