قلت : لو كانت موهنة لم تكن مرجّحة ، لأنّ عدمها حينئذ يخرج الطرف الفاقد لها عن الحجّية فيخرج عن باب الترجيح.
والإنصاف : أنّ كلاً من الشذوذ في الرواية والشذوذ في العمل موهن لا مرجّح. نعم قد يقال : إنّ الشذوذ في الرواية ملازم للشذوذ في العمل ، لكن الظاهر من زمان صدور الرواية هو عدم إمكان أخذ الشهرة بمعنى الفتوى على طبق الرواية والاستناد إليها في الفتوى ، إذ ليس ذلك الزمان زمان الفتوى ، وأقصى ما في البين هو العمل بالرواية ، وهو غير الفتوى مستنداً إليها.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ ذلك ـ أعني العمل على طبقها ـ هو عين الفتوى ، غايته أنّه ليس من قبيل الفتوى المصطلحة في هذه الأعصار من رجوع الجاهل فيها إلى العالم ، بل هو من مجرّد عمل الشخص نفسه على طبق ما يفهمه من الرواية ، فتأمّل.
قوله : وأمّا الشهرة العملية فلا سبيل لنا إلى إحرازها ، لأنّها إنّما تكون في عصر الحضور أو ما قاربه قبل تأليف كتب الفتوى ... الخ (١).
لعلّ في العبارة سقطا ، والذي ينبغي أن يقال : هو أنّه لا سبيل لنا إلى إحراز كلّ من الشهرة الروايتية والشهرة العملية ، أمّا الأُولى فلأنّها إنّما تكون في عصر الحضور أو ما قاربه قبل تأليف كتب الفتوى ، بل قبل تأليف المجاميع ، وأمّا الثانية فلأنّ المراد بها كما سيأتي هي شهرة العمل عند المتقدّمين ، ولم يكن شأنهم إلاّ ذكر الفتوى من دون تعرّض لمستندها كي نحرز بذلك عملهم بالرواية ، ولو عثرنا على البعض منهم أنّه استند إلى الرواية فذلك أقلّ قليل لا يتكوّن منه شهرة عملية.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٨٧.