يصل إلينا ، وهم جميعاً مطبقون على حجّية ذلك الدليل بالنسبة إلى تلك الفتوى التي أطبقوا عليها ، فيكون مدرك حجّية الإجماع مؤلّفاً من جهتين : الأُولى : كشفه عن وجود دليل. الثانية : إجماعهم على حجّية ذلك الدليل ، والأُولى عقلية صرفة ، والثانية شرعية.
والشهرة ربما تشارك الإجماع في الجهة الأُولى ، لأنّ حسن الظنّ بأُولئك الأجلّة الأعاظم تمنع قطعاً عن حمل فتواهم على أنّها بلا دليل ، فلابدّ أن يكون صدور الفتوى منهم عن دليل ، إلاّ أنّ الشهرة لمّا كانت فاقدة للجهة الثانية ، لعدم تحقّق الإجماع على حجّية ذلك الدليل المستكشف بالفتوى المشهورة ، لم يمكن القول بحجّيتها ، انتهى.
فإنّ أقصى ما في البين هو الشهرة على حجّية ذلك الدليل ، وهي غير كافية في حجّيته في حقّنا ، وهذا بخلاف الإجماع ، فإنّهم لمّا أجمعوا على الفتوى ، وكان إجماعهم كاشفاً عن وجود دليل يكون ذلك ملازماً لإجماعهم على دليلية ذلك الدليل الذي هو عبارة عن الإجماع على حجّيته ، وهو ـ أعني الإجماع على حجّية ذلك الدليل ـ كافٍ في حجّيته في حقّنا وإن لم نعرفه بعينه ، هذا.
ولكن لا يخفى أنّ إجماعهم على حجّية ذلك الدليل يحتاج إلى الدليل على حجّيته ، فلابدّ حينئذ من دعوى كون ذلك ـ أعني حجّية ذلك الدليل ـ مأخوذاً يداً بيد إلى أن ينتهي الأمر إلى الأخذ من الإمام عليهالسلام ، وهي طريقة الكشف عن رأي المعصوم عليهالسلام ، وحينئذ لا يحتاج إلى توسّط حجّية ذلك الدليل ، بل نقول من أوّل الأمر إنّ إجماعهم على نجاسة الماء القليل مثلاً كاشف عن رأيه عليهالسلام ، وأنّ ذلك مأخوذ يداً بيد حتّى ينتهي الأمر إليه عليهالسلام كما هو الشأن في كلّ تابع ومتبوع.