متشابهاً مثاني تقشعرّ منه الجلود والقلوب.
ونجده يتحدّى بقوله : ( أفَلا يتَدَّبرونَ القرآن وَلو كان مِن عندِ غيرِ اللهِ لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) (١) بعدم وجود اختلاف فيه ونجد ما بأيدينا من القرآن يفي بذلك أحسن الوفاء وأوفاه فما من إبهام أو خلل يتراءى في آية إلّا ويرفعه آية أخرى ، وما من خلاف أو مناقضة يتوهّم بادي الرأي من شطر إلاّ وهناك ما يدفعه ويفسّره.
ونجده يتحدّى بغير ذلك ممّا لايختصّ فهمه بأهل اللغة العربيّة كما في قوله : (قُل لَئِنِ اجتمَعَتِ اْلانسُ والجنُّ على أن يأتوا بِمثْلِ هذا القرآن لا يأتونَ ولَوْ كانَ بعضُهُمْ لبعضٍ ظهيراً) وقوله : (إنّهُ لَقَوْلٌ فصلٌ * وما هوَ بالهَزْلِ) ثمّ نجد ما بأيدينا من القرآن يستوفي البيان في صريح الحقّ الّذي لامرية فيه ، ويهدي إلى آخر ما يهتدي إليه العقل من أصول المعارف الحقيقيّة وكليّات الشرائع الفطريّة وتفاصيل الفضائل الخلقيّة من غير أن نعثر فيها على شيء من النقيصة والخلل أو نحصل على شيء من الناقض والزلل ، بل نجد جميع المعارف على سعتها وكثرتها حيّة بحياة واحدة مدبّرة بروح واحد هو مبدأ جميع المعارف القرآنية ، الأصل الّذي إليه ينتهي الجميع ويرجع ، وهو التوحيد ، فإليه ينتهي الجميع بالتحليل ، وهو يعود إلى كلّ منها بالتركيب.
__________________
(١) النساء : ٨٢
(٢) الإسراء : ٨٨
(٣) الطارق : ١٤