ونجده يغوص في أخبار الماضين من الأنبياء وأممهم ونجد ما عندنا من كلام الله يورد قصصهم ويفصّل القول فيها على ما يليق بطهارة الدين ويناسب نزاهة ساحة النبوّة وخلوصها للعبوديّة والطاعة ، وكلّها طبّقنا قصّة من القصص القرآنية على ما يماثلها ممّا ورد في العهدين انجلى ذلك أحسن الانجلاء.
ونجده يورد آيات في الملاحم ويخبر عن الحوادث الآتية في آيات كثيرة بالتصريح أو بالتلويح ثمّ نجدها فيما هو بأيدينا من القرآن على تلك الشريطة صادقة مصدّقة.
ونجده يصف نفسه بأوصاف زاكية جميلة كما يصف نفسه بأنّه نور وأنّه هاد يهدي إلى صراط مستفيم وإلى الملّة الّتي هي أقوم ونجد ما بأيدينا من القرآن لا يفقد شيئاً من ذلك ولا يهمل من أمر الهداية والدلالة ولا دقيقة.
ومن أجمع الأوصاف الّتي يذكرها القرآن لنفسه أنّه ذكر لله ، فإنّه يذكر به تعالى بما أنّه آية دالّة عليه حيّة خالدة ، وبما أنّه يصفه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، ويصف سنّته في الصنع والإيجاد ، ويصف ملائكتة وكتبه ورسله ، ويصف شرائعه وأحكامه ، ويصف ما ينتهي إليه أمر الخلقة وهو المعاد ورجوع الكلّ إليه سبحانه ، وتفاصيل ما يؤول أمر الناس من السعادة والشقاء ، والجنّة والنار.
ففي جميع ذلك ذكر الله ، وهو الّذي يرومه القرآن بإطلاق القول بأنّه ذكر ونجد ما بأيدينا من القرآن لا يفقد شيئاً من معنى الذكر.