لا يجوز مع حضور البينة. والدليل على ذلك هو الأدلة على وجوب فعل الدعاوي والتوجه إليها ، فإن معنى التوجه الى الدعوى والتعرض لفصلها عدم ترك المدعى عليه على حاله التي كان عليها قبل الدعوى ، إذ لو ترك على حاله لم يترتب على سماع دعوى المدعي الأثر المقصود من السماع وهو إيصال الحقوق ، فكل شيء ينافي وصول المدعي الى حقه على تقدير إقامة البينة فلا بد من منع المدعى عليه عنه ، وذلك مثل الإتلاف دون سائر التصرفات.
فلو ادعى دارا مثلا فللمدعي عليه بيعها وإجارتها وسكناها وغير ذلك من التصرفات ما لم يقم المدعي البينة ولو في
حال الدعوى ، واما إتلافها فيمنع منه ، لأنه مناف لحكمة وجوب سماع الدعوى ـ أعني إيصال الحقوق ـ إذ الغرض المتعلق بالعين يفوت بالإتلاف ولا يتداركه دفع القيمة على تقدير ثبوت حق المدعي ، بل قد يتعذر دفع القيمة أيضا. بخلاف سائر التصرفات ، فإنها غير منافية لتوصله الى حقه ولو كان نقلا عينا أو منفعة.
وحينئذ نقول : ان المدعى عليه إذا ادعى الشراء فليس للحاكم تسليم العين الى المدعي الذي أثبت ملكيتها على وجه يتسلط على إتلافها ، وهو المراد بالتسليم في المقام لا مطلقة ولو مع المنع من الإتلاف ، وكذا لو ادعى الإبراء فإنه ليس للحاكم أيضا إلزامه بالتسليم من دون انتظار لقيام البينة على الإبراء ، وكذا الحال في الوجه الثالث من وجوه التعليق في البينة ، أعني ما إذا كان المعلق عليه فقدان المعارض ، كبينة الداخل على القول بتقديمه. بل وكذا الحال في كل مقام يدعي المدعي مع حضور البينة ، فان المدعى عليه لا يخلى وسبيله على وجه يفعل في المدعى به ما يشاء ، بل يمنع عن التصرفات المتلفة ولا يعمل بالأصل في هذه الحالة بالنسبة إلى تلك التصرفات.
ومجمل القول في المقام على وجه كلي هو أن المدعي لا قامة البينة سواء