كان خارجا أو داخلا ، وسواء كان في الأول مدعيا أو كان أولا منكرا ثمَّ انقلب مدعيا ، كمدعي الإبراء بعد ثبوت الدين ومدعي الشراء بعد ثبوت الملك.
وبالجملة كل من يسمع بينته إذا قال ان لي بينة حاضرة لم يجز العمل بالأصل في الوجه الذي ينافي تجويزه الغرض الداعي إلى سماع الدعوى ـ أعني إيصال الحق ـ فلا يترك ذو اليد على ما كان عليه من وجوه السلطنة على ما في يده مطلقا حتى مثل الإتلاف ونحوه مما يمنع عن توصل المدعي الى حقه بعد إقامة البينة ، كما لا يخلى على حاله من حيث الفرار عن حضور المخاصمة ، فكما يجب عليه الحضور في مجلس القضاء كذلك يجب عليه عدم التصرف في المدعى به على وجه يفوت معه غرض سماع الدعوى ويلزمه الحاكم عليه.
والدليل عليه هو أدلة وجوب سماع الدعاوي بعد ملاحظة الحكمة بل العلة ، وهي إيصال الحق ، فإنه لا يتيسر الا مع منع المدعى عليه عن التصرفات المنافية لوصول الحق الى المدعي على تقدير إقامة البينة.
هذا كله مع حضور البينة ، وأما مع غيابها واستمهال المدعي لا قامتها فالظاهر عدم الإمهال ووجوب المشي على طبق الأصل والحاكم على طبقه.
ويختلف مقتضاه باختلاف المقام ، فلو كان ملتمس الإهمال هو المدعي لم يجب بل يحكم بمقتضى الأصل ، وهو تسلط المنكر على المدعى به على نحو تسلطه قبل الدعوى ، ولو كان الملتمس هو الداخل لم يسمع أيضا قوله بل يلزم بتسليم المدعى به الى المدعي ، لان البينة ليست بأضعف من اليد بل هي أقوى منها ، فكما أن المدعي لا يجاب في التماس تأخير القضاء بل يقضى بعدم سلطنته على المنكر وبسلطنته على ما في يده من جميع الوجوه كذلك الداخل لا يجاب في التماس المهلة بل يقضى للمدعي وينزع العين من الداخل أخذا بمقتضى بينته التي هي أقوى من اليد.