بالكل ، ومنعه عن النصف الأخر مستند الى معارضة بينته بينة صاحبه. فصار كل واحد من عقدي الإيجاب والسلب ـ أي الإعطاء والمنع ـ مستندا إلى البينة ، وهذا معنى كون القضاء بالتنصيف قضاء بالبينة.
هذا ، ويدفعه أن يكون المنع من النصف مستندا الى تعارض البينة مرجعه الى سقوط دعوى كل منهما بالنسبة إلى النصف ، وهذا عين تعذر القضاء بالبينة لأن معنى تعذر القضاء بالميزان عدم سماع الدعوى ، فالتنصيف في الحقيقة طي للدعوى بسقوطها وعدم سماعها في النصف المدعى به لا بالبينة.
وأما المقدمة الأخيرة فلان الحلف انما يكون ميزانا إذا كان وظيفة لأحد المتداعيين في دعوى واحدة ، وأما إذا كان نسبته الى كل واحد منهما على حد سواء فلا تصلح ميزانا وكذا النكول.
وقياس حلفهما بالبينتين المتعارضتين غير صحيح ، لأن البينة حجة شرعية ومن شأنها عدم خروجها عن الحجية بالمعارضة ، بخلاف الحلف فإنه ليس حجة حتى يتصور فيه التعارض ، فلا بد في كونه ميزانا من اختصاصه بأحدهما ، فحيث كان نسبته إليهما نسبة واحدة كان المقام من موارد تعذر الحلف باليمين ، فلا بد من استعمال القرعة.
نعم لو بذل أحدهما الحلف ونكل الأخر قبل الإقراع أمكن أن يقال بعدم الحاجة الى القرعة حينئذ ، لأن فائدة القرعة لا تزيد على جعل الحلف مختصا بأحدهما كما ظهر ، والاختصاص في هذا الفرض حاصل بنكول أحدهما من غير قرعة.
فصار المحصل أنه إذا تعارض البينتان فالأصل فيه القرعة دون إحلاف كل منهما ، إذ لا فائدة فيه كما لا فائدة في نكولهما ، الا أن يتبين نكول أحدهما عن الحلف قبل القرعة ، فيحلف من غير قرعة لحصول فائدتها بدونها.