للقاضي حينئذ ميزان للقضاء حتى يقضي بذلك الميزان ولا يتعطل الحكم ، لان التوقف في القضاء حينئذ لا وجه له ، لأنه ضرر يجب دفعه بأدلة القضاء.
وليس مثل عدم سماع دعوى المدعي إذا لم يكن له بينة في الواقعة التي ينحصر فصلها بالبينة ، لان مقتضى جعل الميزان عدم سماع الدعوى في هذا الفرض والا كان جعل الميزان لغوا وخرج الميزان عن كونه ميزانا. فلا بد حينئذ فيما نحن فيه أن يكون للقضاء ميزان يقضي به حتى لا يلزم توقيف الحكم من قبل الشارع ، وليس هو الا القضاء بالتنصيف ، إذ المفروض عدم جريان شيء من سائر الموازين فيه باعتبار التعارض والتدافع. نعم لو كان المدعى به مالا يتصور الشركة فيه كالزوجية تعين الإقراع ثانيا من دون حلف. فتأمل.
فإن قلت : لم لا يجعل الميزان حينئذ القرعة مع كونها أحد الموازين بعد تعذر البينة واليمين. فان قلت : قد استعملناها بعد تعارض البينتين. قلنا : تلك القرعة كانت لتلخيص من يكون القول قوله وكان الميزان هي اليمين ، وأما القرعة حينئذ ـ أي بعد نكولهما عن الحلف ـ فهي بنفسها تكون ميزانا من غير حلف. والحاصل ان تعارض البينتين واقعة ونكول المتداعيين عن الحلف بعد الإقراع واقعة أخرى ولا يكفي الإقراع في إحداهما عن الأخرى.
قلت : قد عرفت غير مرة أن القرعة بنفسها لا يستتم بها ميزان القضاء ، ومعنى كونها ميزانا له في الجملة أنها المرجع إذا تساوى المتداعيان من جميع الجهات في تعيين من يكون القول قوله بيمينه لقصور أدلتها عن إثبات كونها مستندا للقضاء بنفسها لما مر آنفا ، واليمين متعذرة هنا فلا مجال للقرعة حينئذ.
فإن قلت : النكول عن اليمين المردودة من الموازين للقضاء كما تقدم بلا إشكال فيقضى للراد ، وهو هنا من خرجت باسمه القرعة.