تنزيل واحد حتى يرجع الى تعارض « لا أدري » مع « أدري » كذلك يقتضيه فيما إذا توقف الرجوع الى ذلك على التنزيلين مع التصرف في المدلول.
هذا ، ويمكن توجيه تقديم القديم بتقرير آخر أوضح يرجع الى الترجيح النوعي ، وهو أن يقال : ان في مسألة تعارض القديم والأقدم أمارات ثلاث تفيد كل منها بحسب النوع الظن : إحداها أمارة حدوث الملك في رأس السنتين لزيد وثانيتها أمارة بقاء ذلك الملك الى رأس السنة وهو الاستصحاب ، وثالثتها أمارة حدوث الملك لعمرو في رأس السنة وهي بينة القديم.
ولا تعارض بين شيء من هذه الأمارات ، إلا بين أمارة البقاء في رأس السنة لزيد وأمارة الحدوث لعمرو ، فدار الأمر بين العمل بأمارة الحدوث أو بأمارة البقاء ، والعمل بأمارة البقاء طرح وتكذيب لامارة الحدوث جدا. وأما العمل بأمارة الحدوث فليس طرحا لامارة البقاء ، لان الدليل على اعتبار أمارة البقاء التي تفيد الظن نوعا معلق على عدم مجيء أمارة على زوال البقاء ، والمفروض كون أمارة الحدوث لعمرو في رأس السنة أمارة للزوال ولو لم تكن ناطقة بعدم البقاء ، الا أن عدم البقاء ـ سواء كان باعتبار عدم الحالة السابقة أو باعتبار زوالها في رأس السنة مظنون في رأس السنة بشهادة بينة القديم ـ فتعين العمل بها.
ولعله لأجل ما ذكرنا نقل عن المحقق جمال الدين قدسسره في حاشية الروضة القول بتقديم القديم ، كما جنح إليه في محكي كشف اللثام.
فظهر من جميع ما ذكرنا وجه القول المشهور في مسألة تعارض القديم والأقدم ، وهو الذي ذكرنا في المناقشة ، إذ بعد عدم مساعدة قاعدة الجمع على تقديم القديم يتعارضان في رأس السنة وما بعدها ويبقى الملك السابق في رأس السنتين سليما عن المعارض ، فيستصحبه الحاكم.